وأنا أعتب عليهم من ناحية أخرى بسبب توفر كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بين أيديهم ويستطيعون معرفة الحق بلا تقليد كما أعتب عليهم في تقديمهم لآراء الرجال على نصوص الكتاب والسنة فتجد بعضهم ينقل قول فلان وفلان من العلماء بينما يخلو مقاله من نقل أقوال محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فنحن نتحاكم إلى آراء الرجال وتركنا التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بل إن أحدهم يستطيع تأويل آية أو رد حديث شريف لكنه يتورع عن نقد قول لعالم من العلماء وهذا الخلل المنهجي أدى إلى ذبول النصوص الشرعية عندنا مقابل إحياء أقوال الرجال والتمسك بها، وأنا أتعجب من قول ابن عباس عندما كان يذكر الأحاديث النبوية في بعض أحكام الفقه فاعترض عليه بعضهم بأن هذا لم يفت به أبو بكر ولا عمر! فغضب ابن عباس غضبا شديدا وقال (تكاد تنزل عليكم حجارة من السماء! أقول لكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر)؟! فانظر رحمك الله كيف يغضب ابن عباس عندما نعارض كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بفتاوى أبي بكر وعمر! فكيف إن عارضنا أقوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأقوال من هو أقل منهما من بعض العلماء المتأخرين الذين جهلوا الدليل أو فهموه فهما سقيما؟! أو كان كلامهم عاما لا يفيد في موطن النزاع.
فنحن بحاجة إلى عودة صحيحة إلى التعبد بالنصوص تعبدا نلغي معه كل ما يعارضها من اجتهادات مرجوحة وأقوال عامة وما أشبه ذلك.
صفحہ 66