إذن فالخطأ ليس خطأ هؤلاء الأخوة بقدر ما هو خطأ في المنهج السائد عند كثير من المسلمين منذ القرون الأولى إلى اليوم فكيف نطلب منهم التخلص من أمر يرونه دينا ويحتسبون الأجر عليه (ويحسبون أنهم يحسنون صنعا) ! فهذه الأمور تجعلني أعذر هؤلاء في لغتهم وتشنجهم وخروجهم عن الموضوع وتبنيهم منحى التكفير والتبديع لكن إن أقنعت نفسي بأعذارهم جاءني ما يعكر علي هذا (الإعذار) إذ كيف نعذرهم في الاستمرار على هذه الأخطاء وكتاب الله بين أيديهم يأمرهم بالعدل والصدق والأمانة وينهاهم عن بعض الظن والكذب والحسد والحقد..الخ، كيف أعذرهم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة بين أيديهم تنهاهم عن الغش وقول الزور والظلم وتأمرهم بالعدل والصدق والأمانة أيضا؟! فهم لا يعيشون في جزر (واق الواق) حتى نعتبرهم جاهلين للأحكام الشرعية الواضحة بل إن هذه العيوب والذنوب السابقة يدرك خطأها كثير من الكفار بلا قرآن ولا سنة، بينما أصحابنا يعكسون القضية فيكونون قد أساءوا إلى الدين إساءة بالغة - بحسن نية - لا يستطيع أن يفعلها أعداء الإسلام وخصومه بسوء نية! وهذا من أسباب ما نحن فيه من هوان، لأن الأقوال منشورة أما الأفعال فلا تعليق، وهذا أيضا من أسباب سمعة المسلمين السيئة التي حالت دون دخول كثير من الكفار في الدين الإسلامي، فهم - أي الكفار - يرون المسلمين يستحلون الغش والكذب والخداع وقول الزور مع قلة حياء ومأساة أخلاق فيربطون بين (مهازل) المسلمين و(نظريات الإسلام) ويتعجبون من التباين الكبير بين هذين المحورين وهذا أمر مؤسف حقا.
إذن فقد كان يتجاذبني إعذار هؤلاء من جهة وعتابهم من جهة أخرى فأنا أعذرهم لأنهم (نتيجة طبيعية) لمنهج فيه عيوب لا زلنا نستحي من إصلاحها ولا زلنا نلزقها بالدين ظلما وزورا.
صفحہ 65