وقال تعالى: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ﴾ [الم تنزيل السجدة- ٤]، وقال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة- ٢٥٥]، وقال تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا …﴾ [طه- ١٠٩]، وقال تعالى: ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾ [النجم- ٢٦]، وقال تعالى: ﴿وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الانبياء- ٢٨]، وقال تعالى: ﴿وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ [سبأ- ٢٣].
وفي الصحيحين من غير وجه عن رسول الله ﷺ -وهو سيد ولد آدم، وأكرم الخلق على الله- أنه قال: آتي تحت العرش فأخر لله ساجدًا. فيفتح علي بمحامد لا أحصيها الآن، فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع، واشفع تشفع. قال فيحد لي حدًا ثم أدخلهم الجنة ثم أعود -فذكر أربع مرات (^١) - صلوات الله وسلامه عليه، وعلى سائر الأنبياء.
وقال الإمام البكري الشافعي ﵀ عند قوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ﴾ [الأنعام- ٥١] نفى الشفيع وإن كانت الشفاعة واقعة في الآخرة، لأنها من حيث أنها لا تقع إلاّ بإذنه كأنها غير موجودة من غيره وهو كذلك، لكن جعل الله ذلك لتبيين الرتب. وجملة النهي حال من ضمير "يحشروا" وهي محل الخوف، والمراد به المؤمنون العاصون. انتهى.
وقال أيضًا عند قوله تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا﴾ [طه- ١٠٩] دلّ أن الشفاعة تكون للمؤمنين فقط.
_________
(^١) رواه البخاري في صحيحه ١٣/ ٤٧٣، ومسلم ١/ ١٨٢. ولهذا الحديث طرق وألفاظ في الصحيحين والسنن والمسانيد بلغت حدّ التواتر.
1 / 48