[يونس- ٣١]، وقال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [العنكبوت- ٦١]، وقال تعالى: ﴿قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ، قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ..﴾ [المؤمنون- ٨٤ - ٨٥] إلى غير ذلك من الآيات التي يخبر الله فيها أن المشركين معترفون أن الله هو الخالق الرازق (^١)، وإنما كانوا يعبدونهم ليقربوهم ويشفعوا لهم، كما ذكره سبحانه ففي قوله: ﴿وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس- ١٨] فبعث الله الرسل، وأنزل الكتب ليعبدوه (^٢) وحده، ولا يجعل معه إله آخر.
وأخبر سبحانه أن الشفاعة كلها له، وأنه لا يشفع عنده أحد إلاّ بإذنه، وأنه لا يأذن إلاّ لمن رضِيَ قوله وعمله، وأنه لا يرضى إلاّ التوحيد، فالشفاعة مقيدة بهذه القيود.
قال تعالى: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ، قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ [الزمر- ٤٣]،
_________
(^١) قال شيخ الإسلام في الرد على البكري "ص ١٨٤ - ١٨٥":
وهذا التوحيد توحيد الربوبية العامة كان المشركون يقرون به فهو وحده لا ينجى من النار، ولا يدخل الجنة، بل التوحيد المنجي شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأن محمدًا رسول الله بحيث يقر بأن الله سبحانه هو المستحق للعبادة دون ما سواه، وأن محمدًا رسوله فمن يطع الرسول فقد أطاع الله، ومن عصى الرسول فقد عصى الله، فيحل ما حلله الله ورسوله، ويحرم ما حرمه الله ورسوله، ويأمر بما أمر الله به ورسوله، وينهى عما نهى الله عنه ورسوله.
وهذا المقام غلط فيه كثير من السالكين لم يميزوا بين الأول والثاني من توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية ولو طردوا قولهم لخرجوا عن الدين كما تخرج الشعرة من العجين، اهـ.
(^٢) "أ" "ليعبد وحده" وكلاهما صحيح.
1 / 47