وقال الحافظ عماد الدين بن كثير عند قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ﴾ [الرعد- ١٦] (^١) يقرر تعالى أنه لا إله إلاّ هو لأنه معترفون أنه (^٢) هو الذي خلق السموات والأرض، وهو ربها ومدبرها، وهم مع هذا قد اتخذوا من دونه أولياء (^٣) يعبدونهم، وإنما عبد هؤلاء المشركون معه آلهة يعترفون أنها مخلوقة عبيد له. كما كانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك إلاّ شريكًا هو لك تملكه وما ملك. وكما أخبر عنهم في قوله: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر- ٣] فأنكر تعالى ذلك عليهم حيث اعتقدوا ذلك وهو تعالى لا يشفع عنده أحد إلاّ بإذنه ولا تنفع الشفاعة عنده إلاّ لمن أذن له ثم إنه (^٤) قد أرسل رسله من أولهم إلى آخرهم يزجرهم عن ذلك وينهاهم عن عبادة من سوى الله فكذبوهم. انتهى (^٥).
والمقصود بيان شرك المشركين الذين قاتلهم رسول الله ﷺ، وأنهم ما أرادوا ممن عبدوا إلاّ التقرب إلى الله، وطلب شفاعتهم عند الله. وبيان أن طلب الحوائج من الموتى والإستغاثة بهم في الشدائد أنه من الشرك الذي كفر الله به المشركين.
وبيان أن الشفاعة كلها لله ليس لأحد معه من الأمر شيء. وأنه لا شفاعة إلا بعد إذن الله. وإنه تعالى لا يأذن إلاّ لمن رضي (^٦) قوله
_________
(^١) ٢/ ٥٠٧.
(^٢) في ابن كثير "أنه".
(^٣) في "أ": "من دون الله" وما في "ب" هو الموافق لما في تفسير ابن كثير.
(^٤) "أنه" ليست في "أ".
(^٥) بتصرف.
(^٦) في "ب" "ارتضى".
1 / 49