فصل من الدّعاء مختصر
اللَّهمّ إني أبرأ إليك من حولي وقوتي، وألجأ إلى حولك وقوّتك، أحمدك على أن أوجدتني من العدم، وفضّلتني على كثير من الأمم، وجعلت في يدي زمام خلقك واستخلفتني على أرضك. اللَّهمّ فخذ بيدي في المضايق واكشف لي وجوه الحقائق ووفقني لما تحب، واعصمني من الزلل، ولا تسلب عني ستر إحسانك وقني مصارع السوء واكفني كيد الحساد وشماتة الأضداد، والطف بي في سائر متصرفاتي، واكفني من جميع جهاتي. يا أرحم الراحمين!! ويحسن بالملك الفاضل إكرام فضلاء رعيّته واختصاصهم بالبرّ. قال بعض الحكماء: لا يجوز أن يكون الفاضل من الرجال إلّا مع الملوك مكرّما، أو مع النسّاك متبتّلا [١]، كالفيل لا يحسن أن يرى إلّا في موضعين: إما في البرّية وحشيا وإما للملوك مركبا. كما قال الشاعر:
كمثل الفيل إمّا عند ملك ... وإمّا في مراتعه منيعا
(وافر) ومما يكره للملك: مخالطة الأنذال والسوقة والجهال فإنّ سماع ألفاظهم الساقطة ومعانيهم المرذولة، وعباراتهم الدنية، مما يحط الهمّة ويضع المنزلة، ويصدئ القلب ويزري [٢] بالملك. ومخالطة الأشراف ومعاشرة أفاضل الرّجال، مما يعلي الهمّة ويذكي القلب، ويفتق الذهن ويبسط اللسان. وتلك قاعدة مطّردة للملوك، ما زالوا يدخلون إليهم عوام الرعيّة ويعاشرونهم ويستخدمونهم، ولم يخل أحد من الخلفاء من مثل هذا وكأن لسان حالهم يقول: نحن نخلّي الكبار كبارا، فإذا اختصصنا عاميا نوّهنا بذكره وقدّمناه حتى يصير من الخواص. كما أننا إذا أعرضنا [٣] عن أحد من الخواص أرذلناه حتى يصير من أراذل العوام.
_________
[١] متبتّلا: ممعنا في العبادة والإخلاص للخالق. منقطعا للعبادة والتّسبيح.
[٢] يزري: يحط بالمقدار.
[٣] أعرضنا: تركنا وأهملنا.
1 / 42