وقوله: «الإِمَامِ» هذا صحيحٌ فإنه ﵀ كان إمامًا في زمانه، حتى صار قدوةً لمن بعده.
وقوله: «الأَوْحَدِ» هو أفعل تفضيل من «الوَحْدَة» و«التَّوَحُّد»؛ لأنه صار فريدًا في زمانه، وهذا مِثْلُ قولهم: «فَريدُ مِصْرِه، وَوَحِيدُ عَصْرِه».
فالإمامُ أحمدُ ﵀ أوحدُ من غيره وأكثر تفردًا من غيره، وهذا ما يقتضيه أفعل التفضيل التي عبَّرَ بها الناظمُ.
فالناظمُ ﵀ لم يقل: «الإمام الوحيد»، بل زاد في الثناء فقال: «الإِمَامِ الأَوْحَدِ».
قال الناظمُ ﵀:
٥. خَيرِ البَرِيَّةِ بَعْدَ صَحْبِ مُحَمَّدٍ ... وَالتَّابِعِينَ إِمَامِ كُلِّ مُوَحِّد
يواصل الناظمُ ﵀ الثناء على الإمام أحمد ﵀ فيقول:
«خيرِ البَرِيَّة» خيرُ البَرِيَّة مطلقًا هو نبيُّنا محمَّدٌ ﷺ، لكنَّ الناظمَ ﵀ قيَّد خيرية الإمام أحمد بقوله: «بَعْدَ صَحْبِ مُحَمَّدٍ وَالتَّابِعِينَ»، وفي هذا التقييد احترازٌ عظيمٌ خرج به الناظم من المبالغة الشديدة في المديح.
وما قاله الناظم في حق الإمام أحمد يقتضي تفضيله على كل أحد بعد الصحابة والتابعين، وفي هذا الإطلاق والتعميم نظر.
فكأنه يقول: هو خير الناس بعد الصحابة والتابعين.
فمع جلالة الإمام أحمد، وعِظَمِ شأنه، وما أكرمه الله به من العلم بالسنة والفقه في الدين، والصلابة فيه، وقمع البدع والمبتدعين، لا يصح أن نقول عنه: إنَّه خير الناس.