146

دستور العلماء

دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون

ناشر

دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت

ایڈیشن نمبر

الأولى، 1421هـ - 2000م

ينفك أحدهما عن الآخر فليس بينهما غيرية اصطلاحية. قال العلامة التفتازاني رحمه الله في شرح المقاصد الجمهور على أن الإيمان والإسلام واحد إذ معنى آمنت بما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم

- صدقته ومعنى أسلمت له سلمته ولا يظهر بينهما كثير فرق لرجوعهما إلى معنى الاعتراف والانقياد والإذعان والقبول. وبالجملة لا يعقل بحسب الشرع مؤمن ليس بمسلم أو مسلم ليس بمؤمن. وهذا مراد القوم بترادف الاسمين واتحاد المعنى وعدم التغاير. وقال في شرح

العقائد النسفية لأن الإسلام هو الخضوع والانقياد بمعنى قبول الأحكام والاذعان وذلك حقيقة التصديق على ما مر ويؤيده قوله تعالى: {فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين} انتهى.

وقال صاحب الخيالات اللطيفة أي لم نجد في قرية لوط إلى قوله وليلائم كلمة من انتهى. وحاصله على ما حررناه في التعليقات أن كلمة غير في هذا الآية الكريمة إن كانت صفة فيكون المعنى فما وجدنا فيها بيتا أو أحدا غير بيت من المسلمين فيلزم الكذب من ثلاثة وجوه. الأول: أنه كانت الكفار في تلك القرية أيضا. والثاني: أنه كانت فيها بيوت لا بيت واحد. والثالث: أن كلمة من للبيان لأن الظاهر أنها بيانية ليلائم السابق. وأن يحتمل الزيادة. ويجوز أيضا أن تكون صلة لمقدر أي كائنا من المسلمين فتدل على أن المبين بالكسر من جنس المبين بالفتح والبيت ليس من جنس المسلمين فلا بد أن يحمل الغير على الاستثناء وحينئذ إن كان المستثنى منه عاما فالمحذور على حاله لأن المعنى حينئذ فما وجدنا شيئا إلا بيتا من المسلمين فالواجب أن يقدر المستثنى منه خاصا أي أحدا من المؤمنين وحينئذ عدم صحة الاستثناء ظاهر لأن المعنى فما وجدنا أحدا من المؤمنين إلا بيتا من المسلمين لأن المستثنى حينئذ غير داخل في المستثنى منه. إن قلت أن المستثنى منقطع فأقول إن الاستثناء في المتصل أصل وحقيقة دون المنقطع ولا بد له أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه مع أنه لا يصح أن يكون قوله تعالى: {من المسلمين} بيانا للبيت لما مر فلا بد من تقدير المضاف أي أهل بيت من المسلمين لئلا يلزم المحذور المذكور وليلائم كلمة من في قوله تعالى: {من المؤمنين} فقوله لكثرة بيوت البيوت والكفار تعليل لحمل كلمة غير على الاستثناء وتقدير المستثنى منه خاصا وقوله ليلائم تعليل لكون المراد بالبيت أهل البيت وإن كان لحذف المضاف وجه آخر يقتضي عدم صحة المستثنى المتصل فالمجموع تعليل لقوله وإنما قلنا كذلك وإن كان تكرار لام التعليل مشعرا بكون كل منهما وجها مستقلا لأن قوله لكثرة البيوت والكفار لا يدل على أن المراد بالبيت أهل البيت وقوله ليلائم لا يدل على كون كلمة غير للاستثناء وكون المستثنى منه خاصا فلا يكون كل منهما وجها مستقلا لاثبات التقدير المذكور هكذا في الحواشي الحكيمية.

صفحہ 152