إلا أن للمفهومات مظاهر مختلفة ، ومنازل شتى ، وقوالب متعددة حسب تعدد النشآت ، واختلاف المقامات ، وكذلك لله سبحانه ، وصفاته في كل عالم من العوالم مظاهر ومرائي ومنازل ومعالم يعرف بها ، كما سيأتي بيانه وتفصيله.
فكل إنسان يفهم من تلك الألفاظ ما يناسب مقامه ، والنشأة التي غلبت عليه ، والكل صحيح ، وهي حقيقة في الكل ، ولكن لكل في محله.
قال صاحب الفتوحات ، في بيان نشأة الملكوت : كل حديث وآية وردت عندنا ، فصرفها العقل عن ظاهرها وجدناها على ظاهرها في هذه الأرض (1).
* وصل
قد ورد في الحديث أن : «المساجد بيوت الله» (2)، فلفظ البيوت فيه حقيقة ؛ وذلك لأن المسجد محل للعبادة ، ومحل العبادة بما هي عبادة هو محل حضور المعبود ، وموقف شهوده ، فيكون بيتا له بالحقيقة ، لا بالمجاز ، والتخييل ، ولكن يكون بيتا معقولا ، لا محسوسا بإحدى هذه الحواس ، وما هو المحسوس منه ليس معبدا ومشعرا للعبادة ، بل هو من هذه الجهة كسائر مواضع الأرض ، وكل محسوس ذي وضع ليس ذاته بذاته محسوسا من كل وجه ، فإن زيدا مثلا ليس بمحسوس من جميع وجوهه ، بل إنما محسوسيته من حيث كونه متقدرا ، متحيزا ، ذا وضع ، وأما من حيث كونه ناطقا ، متوهما ، متخيلا ، عالما ، أو جاهلا ، فليس مما يناله الحس ، والإشارة الوضعية ، كما سيتبين فيما بعد.
صفحہ 52