أولا: إسناد الحديث لم يكن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته يشك بعضهم في بعض كما رأيت، ولم يكن التابعون يتوقفون عن قبول أي حديث يرويه صحابي عن رسول الله، حتى وقعت الفتنة وقام اليهودي الخاسر عبدالله بن سبأ بدعوته الآثمة التي بناها على فكرة التشيع الغالي القائل بألوهية علي رضي الله عنه، وأخذ الدس عل السنة يربو عصران بعد عصر، عندئذ بدأ العلماء من الصحابة والتابعين يتحرون في نقل الأحاديث ولا يقبلون منها إلا ما عرفوا طريقها ورواتها، واطمأنوا إلى ثقتهم وعدالتهم. يقول ابن سيرين فيما يرويه عنه الإمام مسلم في مقدمة صحيحه:" لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم. فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم" وقد ابتدأ هذا التثبت منذ عهد صغار الصحابة الذين تأخرت وفاتهم عن زمن الفتنة، فقد روى مسلم في مقدمة صحيحه عن مجاهد أن بشيرا العدوي جاء إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه، فقال: يا ابن عباس مال ي أراك لا تسمع لحديثي، أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسمع ؟ فقال ابن عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والمذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف.ثم أخذ التابعون في المطالبة بالإسناد حين فشا الكذب يقول أبو العالية: "كنا نسمع الحديث من الصحابة فلا نرض حتى نركب إليهم فنسمعه منهم، ويقول ابن المبارك: "الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء "ويقول ابن المبارك أيضا: "بيننا وبين القوم القوائم" يعني الإسناد (¬1).
صفحہ 14