[رسالة ماجستير]
جامعة الأزهر الشريف
كلية أصول الدين
قسم الحديث
الدراسات العليا
كتاب البدور السافرة في أمور الآخرة
من باب السلاسل والأغلال والقيود والمقامع إلي نهاية باب عدد الجنان وأسمائها ودرجاتها
للحافظ الشيخ الإمام المحدث المجتهد
جلال الدين أبي عبد الرحمن السيوطي
تحقيق وتخريج ودراسة
مقدمة إلى كلية أصول الدين
(قسم الحديث)
لنيل درجة التخصص الماجستير
إعداد الطالب
أحمد إبراهيم أحمد
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله..
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }آل عمران102، {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا }النساء1 يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا{70} يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما{71} الأحزاب.
أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار(¬1)، وبعد:
أساتذتي ومشايخي:
صفحہ 1
لما رأيت في نفسي وإخواني وفي أمتي عامة حالة من جمود العين وقسوة القلب وطغيان للحياة المادية على كثير من أبناء أمة الإسلام في ظل المشاغل الحياتية فبدلا من أن ينتج التطور والتحضر آلة تعمل كالإنسان أنتج إنسانا يعمل كالآلة فانشغل الناس بالدنيا التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم " الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما أو متعلما(¬1) وتركوا ألآخرة ونسوها بل تناسوها لأجل مواكبة الحضارة - زعموا- ويسر الله أن وقفت على مخطوط للإمام الحافظ جلال الدين السيوطي حافظ عصره ووحيد دهره ت (911ه) بعنوان (البدور السافرة في أمور الآخرة) يذكر فيه ما في الآخرة من أمور وأحوال وأهوال ونعيم وعذاب وثواب وعقاب وهذا - كما لا يخفى - سبيل عظيم لرقة القلب ودمع العين، فإن أمنا عائشة رضي الله عنها تخبر في الحديث الصحيح " أول ما نزلت من القرآن، سورة فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل من أول الأمر لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا، ولو نزل لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا"(¬2) فالأمة الآن في أمس الحاجة أيضا إلى ذكر الجنة والنار وما فيهما من أخبار حتى يثوبوا إلى الإسلام ويتشبهوا بالصحب الكرام (رضي الله عنهم) فإن الإسلام سيعود كما بدأ كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم (¬3).
صفحہ 2
لأجل ما ذكرت أتقدم بهذه الخطة لتحقيقه ودراسته وشرح ما خفي منه وبيان علله وأملي في الله أن يخرج هذا الكتاب للأمة مطبوعا محققا ميسرا لعل الله أن يهدي به رجلا وان يجعله سببا لرجوع الأمة إلى دينها ويجعله خالصا لوجهه ويتقبله مني ويدخر لي ثوابه يوم ألقاه انه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين.
الباحث
خطة البحث
وهي تتكون من مقدمة وتمهيد وبابين وخاتمة تشتمل على التوصيات والمقترحات والنتائج، ثم الفهارس العلمية
المقدمة: وهي تتكون مما يلي:
أولا: أسباب اختيار الموضوع
وقع اختياري على هذا الموضوع للأسباب الآتية:
أ- القيمة العلمية الكبيرة للمخطوط حيث أنه يشتمل على مجموعة وافرة من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
ب- اشتماله على معظم الأحاديث التي تتعلق بالآخرة وهي دار المؤمنين الباقية حقا وقد أحصيت أحاديثه فبلغت إلى ألفين وثلاثمائة خمسين حديثا.
ج- كون هذه الأحاديث تخاطب النفوس الحية الزكية الطاهرة وترقق القلوب القاسية الجافة والأمة بأمس حاجة إلى ذلك في يومنا هذا.
د- إن هذا الكتاب قد سبق له أن طبع مرتين وكلتاهما لا تفيان بدراسة أحاديثه من حيث الرواية والدراية، إحداهما خالية تماما عن الفوائد الحديثية - وهي ما طبع من دار المعرفة ببيروت والثانية إنما هي تحقيق وتخريج يسير غير جمع لطرق الحديث واستقصاء الكلام على علله ورواياته وألفاظه والحكم عليه- وهي ما طبع من مكتبة القرآن بالقاهرة.
ه- أن محقق الكتاب قد شوه الكتاب فغير وعدل وزاد ونقص ولم يتحقق مما فعل فخرج الكتاب على خلاف الأصول المخطوطة في كثير من المواضع أذكرها أمثلة فيما بعد والله أعلم.
ثانيا: الدراسات السابقة
سبقت الإشارة آنفا إلى أن هذا الكتاب لم ينشر إلا مرتين وهما طبعتان تفتقران كثيرا في نظري إلى الدراسة العلمية والتحقيق الدقيق العميق.
صفحہ 3
ثالثا: عملي في المخطوط ومنهجي في دراسته
1) وصف للمخطوط وصفا دقيقا من حيث الكتابة وتاريخ نسخه، واسم ناسخه وعدد أوراقه وما يجري مجراها، والرموز التي استخدمها أثناء التحقيق إن شاء الله ووضع صورة لأوله وآخره في المقدمة.
2) بيان أوجه الاختلاف بين المخطوطات.
3) اعتماد أصح وأقرب النسخ إلى زمن السيوطي وتكون هي المعتمدة للتحقيق.
4) ترجمة الإمام الحافظ السيوطي ترجمة مستقصية.
5) ضبط ألفاظ النص المخطوط وشكلها بالاستعانة بالمعاجم اللغوية والدواوين الحديثة التي روى فيها نص الحديث.
6) كتابة المتن أعلى الصفحة وفق النسخة المختارة وفقا لقواعد الإملاء.
7) المقارنة بين النسخ في الهامش.
8) تخريج الأحاديث تخريجا دقيقا موسعا.
9) إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما اكتفى بتخريجه ولا أدرس الإسناد.
10) إذا كان في غير الصحيحين أو أحدهما أدرس إسناده حسب الرواية التي أوردها المصنف وأذكر طرقه وعلله إن كان هناك علل وأبين صححيها من سقيمها وأترجم للرواة المذكورين في الأسانيد، ثم أحكم على هذا الإسناد بما يليق بحاله.
11) كما أذكر الكتاب والباب والجزء والصفحة إن كان الكتاب مرتبا على الكتب والأبواب وفي غير ذلك أذكر الجزء والصفحة فقط.
صفحہ 4
12) كما سأقوم بترجمة الرواة فأكتب للراوي ترجمة أحاول فيها أن تكون موفية بالمقصودة فأذكر اسمه ونسبه وكنيته ولقبه وبعض شيوخه وبعض تلاميذه، وأشهر ما قيل فيه من تعديل وتجريح ثم سنة وفاته، فإن كان الراوي مجمعا على توثيقه أو تضعيفه اختصر ترجمته جدا واختم بقول الحافظ في التقريب- إن وجد- أما إذا كان الراوي مختلفا فيه فأجدني مضطرا إلى بسط الآراء فيه حتى يتضح حاله وارتضى فيه قولا، ولا ألزم نفسي بمتابعة الحافظ ابن حجر في حكمه على الرواة دائما ، إلا فى بعض الرواة واذكر السبب. قال ابن حجر في مقدمة التقريب(ج1/ص74): وباعتبار ما ذكرت انحصر لي الكلام على أحوالهم في اثنتي عشرة مرتبة وحصر طبقاتهم في اثنتي عشرة طبقة .
فأما المراتب :
فأولها : الصحابة فأصرح بذلك لشرفهم
الثانية : من أكد مدحه إما بأفعل كأوثق الناس أو بتكرير الصفة لفظا كثقة ثقة أو معنى كثقة حافظ
الثالثة : من أفرد بصفة كثقة أو متقن أو ثبت أو عدل
الرابعة : من قصر عن درجة الثالثة قليلا وإليه الإشارة بصدوق أو لا بأس به أو ليس به بأس
الخامسة : من قصر عن الرابعة قليلا وإليه الإشارة بصدوق سيء الحفظ أو صدوق يهم أو له أوهام أو يخطيء أو تغير بأخرة ويلتحق بذلك من رمي بنوع من البدعة كالتشيع والقدر والنصب والإرجاء والتهجم مع بيان الداعية من غيره
السادسة : من ليس له من الحديث إلا القليل ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله وإليه الإشارة بلفظ مقبول حيث يتابع وإلا فلين الحديث
السابعة : من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثق وإليه الإشارة بلفظ مستور أو مجهول الحال
الثامنة : من لم يوجد فيه توثيق لمعتبر ووجد فيه إطلاق الضعف ولو لم يفسر وإليه الإشارة بلفظ ضعيف
التاسعة : من لم يرو عنه غير واحد ولم يوثق وإليه الإشارة بلفظ مجهول
صفحہ 5
العاشرة : من لم يوثق البتة وضعف مع ذلك بقادح وإليه الإشارة بمتروك أو متروك الحديث أو واهي الحديث أو ساقط الحادية عشرة : من اتهم بالكذب
الثانية عشرة : من أطلق عليه اسم الكذب والوضع .
وأما الطبقات :
فالأولى : الصحابة على اختلاف مراتبهم وتمييز من ليس له منهم إلا مجرد الرؤية من غيره .
الثانية : طبقة كبار التابعين كابن المسيب فإن كان مخضرما صرحت بذلك .
الثالثة : الطبقة الوسطى من التابعين كالحسن وابن سيرين .
الرابعة : طبقة تليها جل روايتهم عن كبار التابعين كالزهري وقتادة .
الخامسة : الطبقة الصغرى منهم الذين رأوا الواحد والاثنين ولم يثبت لبعضهم السماع من الصحابة كالأعمش .
السادسة : طبقة عاصروا الخامسة لكن لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة كابن جريج .
السابعة : كبار أتباع التابعين كمالك والثوري .
الثامنة : الطبقة الوسطى منهم كابن عيينة وابن علية .
التاسعة : الطبقة الصغرى من أتباع التابعين كيزيد بن هارون والشافعي وأبي داود الطيالسي وعبد الرزاق .
العاشرة : كبار الآخذين عن تبع الأتباع ممن لم يلق التابعين كأحمد بن حنبل .
الحادية عشرة : الطبقة الوسطى من ذلك كالذهلي والبخاري .
صفحہ 6
الثانية عشرة : صغار الآخذين عن تبع الأتباع كالترمذي وألحقت بها باقي شيوخ الأئمة الستة الذين تأخرت وفاتهم قليلا كبعض شيوخ النسائي ،وذكرت وفاة من عرفت سنة وفاته منهم فإن كان من الأولى والثانية فهم قبل المائة وإن كان من الثالثة إلى آخر الثامنة فهم بعد المائة وإن كان من التاسعة إلى آخر الطبقات فهم بعد المائتين ومن ندر عن ذلك بينته وقد اكتفيت بالرقم على أول اسم كل راو إشارة إلى من أخرج حديثه من الأئمة ،فالبخاري في صحيحه خ فإن كان حديثه عنده معلقا خت وللبخاري في الأدب المفرد بخ وفي خلق أفعال العباد عخ وفي جزء القراءة ر وفي رفع اليدين ي ولمسلم م ولأبي داود د وفي المراسيل له مد وفي فضائل الأنصار صد وفي الناسخ خد وفي القدر قد وفي التفرد ف وفي المسائل ل وفي مسند مالك كد وللترمذي ت وفي الشمائل له تم وللنسائي س وفي مسند علي له عس وفي مسند مالك كن ولابن ماجة ق وفي التفسير له فق فإن كان حديث الرجل في أحد الأصول الستة أكتفي برقمه ولو أخرج له في غيرها وإذا اجتمعت فالرقم ع وأما علامة 4 فهي لهم سوى الشيخين ومن ليست له عندهم رواية مرقوم عليه تمييز إشارة إلى أنه ذكر ليتميز عن غيره ومن ليست عليه علامة نبه عليه وترجم قبل أو بعد .
الثالثة عشر : توضيح معاني غريب ألفاظ الحديث بالرجوع إلى كتب اللغة وغريب الحديث وعليه عمل بعض الشروح المبسطة للأحاديث التي تحتاج ذلك.
الرابعة عشر : بيان بعض الفوائد القيمة في ثنايا الكتب إن وجدت.
الخامسة عشر : صنع الفهارس العلمية الشاملة لكافة جوانب التحقيق وتقسيم الكتاب إلى صحيح وضعيف.
التمهيد
وفيه لمحة عن أهمية دراسة السنة النبوية في حياة المسلمين وجهود علماء المسلمين في خدمتها ونشرها
الباب الأول : قسم الدراسة ، ويشتمل على فصلين :
الفصل الأول
التعريف بمؤلف الكتاب المخطوط أبي عبد الرحمن جلال الدين السيوطي.
اسمه ونسبه وكنيته.
نشأته وتحصيله للعلم ورحلاته.
شيوخه.
تلامذته.
صفحہ 7
أخلاقه وثناء العلماء عليه.
مكانته في الحديث وجهوده فيه.
وفاته.
الفصل الثاني
دراسة الكتاب المخطوط وتوصيفه، وفيه ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : اسم المخطوط وتوثيق نسبته إلى المؤلف.
المبحث الثاني : وصف النسخة المعتمدة في التحقيق : وهي ثلاث مخطوطات :
? المخطوطة سنة 884ه.وقد رمزت لها بالرمز( أ)
? المخطوطة سنة 972ه. وقد رمزت لها بالرمز( ب)
? المخطوطة سنة 1078ه. وقد رمزت لها بالرمز (ز)
المبحث الثالث : ثبت النسخ.
وفيه أثبت كل السماعات والإجازات المثبتة، في الكتاب المخطوط وآخره بتاريخها.
الباب الثاني: قسم التحقيق والدراسة. وفيه أقوم بدراسة الأحاديث الواردة في هذا الكتاب المخطوط دراسة وافية من الناحية الحديثية الإسنادية كما أترجم الأعلام وأسماء الرجال في أسانيد الأحاديث وأقوم بتفسير غريب ألفاظ الحديث وبيان معانيها والفوائد التي تتعلق بها.
الخاتمة
وهي تشمل على المقترحات والتوصيات والنتائج التي توصلت إليها في دراسة وتحقيق هذا الكتاب المخطوط
الفهارس
فهرس الآيات.
فهرس الأحاديث المرفوعة.
فهرس الآثار الموقوفة.
فهرس الأعلام.
الأماكن والبلدان.
فهرس الكلمات الغريبة ومعانيها.
فهرس الصحيح والضعيف.
المصادر والمراجع.
نسأل الله أن يكتب لنا التوفيق والسداد، إنه بكل شيء قدير، وبالإجابة جدير وهو حسبنا ونعم المولى ونعم النصير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. آمين
تنبيه :الجزء الذى سوف نحققه من هذه المحطوطة هو من باب السلاسل والأغلال والقيود والمقامع إلي نهاية باب عدد الجنان وأسمائها ودرجاتها . وهي من الباب رقم مائة وخمسة عشر إلى الباب رقم مائة وستة وأربعين وهي كالتالي :
115- باب السلاسل والأغلال والقيود والمقامع. ... (17) حديث
116- باب ظلال جهنم. ... (1) حديث
117- باب قوله تعالى : يصب من فوق رؤسهم الحميم" ... (2) حديثان
صفحہ 8
118- باب طعام اهل النار وشرابهم ... (28) حديثا 119- باب جهنم وعقاربها وذبابها ... (9) أحاديث
120- باب ما ورد ان الشمس والقمر في النار. ... (5) أحاديث
121- باب دركات جهنم. ... (2) حديثان
122- باب عظم الكافر وغلظ جلده. ... حديث
123- باب قوله تعالى التي تطلع على الأفئدة" ... حديث واحد فقط
124- باب قوله تعالى: كلما نضجت جلودهم.. " الآية ... (7) أحاديث
125- باب قوله تعالى: تلفح وجوههم في النار وهم فيها كالحون" ... (6)احاديث
126- باب بكاء اهل النار وزفيرهم وشهيقهم ... (20) حديث
127- باب بدون ترجمة وذكر تحته أحاديث ... (1) حديث
128- باب بدون ترجمة وذكر تحته أحاديث ... (1) حديثا
129- باب بدون ترجمة وذكر تحته أحاديث ... أحاديث
130- باب من دخل النار من الموحدين يموت فيها ... (2) حديثان
131- باب تفاوت اهل النارفي العذاب. ... (4) أحاديث
132- باب اكثر اهل النار ... (5) أحاديث
133- باب جامع من أحوال عصاة المسلمين في النار. ... (42) حديث
134- باب ماورد في اشد الناس عذابا. ... (4) أحاديث
135- باب بدون ترجمة ... (1) حديث
136- باب بدون ترجمة ... (1) حديث
137- باب بدون ترجمة ... (2) حديثان
138- باب الأعمال الموجبة لبناء بيت في النار . ... (5) أحاديث
139- باب خلود الكفار في النار والمؤمنين في الجنة وذبح الموت. ... (14) حديث
140- باب قوله تعالى في الفريقين. ... (بدون أحاديث)
141- باب لايخلد في النار من قال: لاإله إلا الله ... (19) حديث
142- باب قوله تعالى: ربما يودا لذين كفروا لو كانوا مسلمين" ... (9) أحاديث
143- باب أطول مدة يمكثها الموحدون ... (2) حديثان
144- باب آخر أهل النار خروجها منها، وأخر اهل الجنة دخولا الجنة. ... (13) حديث
145- باب صفة اهل الجنة نسأل الله إياها من فضله. ... (33) حديث
146- عدد الجنان واسمائها ودرجاتها ... (40) حديث
التمهيد
السنة ومنزلتها وجهود العلماء في المحافظة عليها
وفيه أربع مباحث .
صفحہ 9
المبحث الأول: معنى السنة وتعريفها(¬1) السنة في اللغة: الطريقة محمودة كانت أو مذمومة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة "، ومن حديث: "لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع".
وهي في اصطلاح المحدثين: ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو خلقية أو سيرة، سواء كان قبل البعثة أو بعدها، وهي بهذا ترادف الحديث عند بعضهم. وفي اصطلاح الأصوليين ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير.وقد تطلق السنة عندهم عل ما دل عليه دليل شرعي، سواء كان ذلك في الكتاب العزيز، أو عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو اجتهد فيه الصحابة، كجمع المصحف وحمل الناس على القراءة بحرف واحد، وتدوين الدواوين، ويقابل ذلك "البدعة" ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي" وفي اصطلاح الفقهاء ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير افتراض ولا وجوب، وتقابل الواجب وغيره من الأحكام الخمسة، وقد تطلق عندهم على ما يقابل البدعة، ومنه قولهم: طلاق السنة كذا، وطلاق البدعة كذا". ومرد هذا الاختلاف في الاصطلاح إلى اختلافهم في الأغراض التي يعني بها كل فئة من أهل العلم.
المبحث الثاني : أقسام السنة(¬1)
للسنة عدة تقسيمات باعتبارات مختلفة
فباعتبار ذاتها تنقسم السنة إلى قولبة وفعلية وتقريرية(¬2)، وما سوى ذلك يمكن إدراجه تحت هذه الأقسام.
وباعتبار علاقتها بالقرآن الكريم تنقسم السنة إلى ثلاثة أقسام(¬3):
صفحہ 10
القسم الأول : السنة المؤكدة، وهي الموافقة للقرآن من كل وجه، وذلك كوجوب الصلاة فإنه ثابت بالكتاب والسنة.
القسم الثاني : السنة المبينة أو المفسرة لما أجمل في القرآن وهي ما عبر عنها الشافعي بقوله: "ومنه ما أحكم فرضه بكتابه، وبين كيف هو على لسان نبيه، مثل عدد الصلاة والزكاة ووقتها"(¬1).
القسم الثالث : السنة الاستقلالية، أو الزائدة على ما في القرآن، وهي التي تكون موجبة لحكم سكت القرآن عن إيجابه أو محرمة لما سكت عن تحريمه، كأحكام الشفعة وميراث الجدة. وهذا القسم عبر عنه الشافعي بقوله:"ومنه ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس فيه نص حكم(¬2)". وباعتبار وصولها إلينا وعدد نقلتها ورواتها تنقسم السنة إلى متواتر وآحاد(¬3).
المبحث الثالث : منزلة السنة من القرآن الكريم(¬4)
والمقصود بهذه المسألة الجواب على السؤال الآتي: أيهما يقدم على الآخر الكتاب أم السنة ؟ ويتضح هذا الجواب من خلال اعتبارات أربعة:
صفحہ 11
1- باعتبار المصدرية فلا شك أن القرآن الكريم والسنة في منزلة واحدة إذ الكل وحي من الله، قال تعالى: (وما ينطق عن الهوى*إن هو إلا وحي يوحى) (¬1). "وقد ذهب بعض أهل العلم(¬2) إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يسن سنة إلا بوحي احتجاجا بهذه الآية. وقيل بل جعل الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بما افترض من طاعته أن يسن فيما ليس فيه نص كتاب، والدليل على ذلك قوله تعالى: (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله) (¬3).. فخصه الله بأن يحكم برأيه لأنه معصوم وأن معه التوفيق. وقيل ألقي في روعه صلى الله عليه وسلم كل ما سنه لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الروح الأمين قد ألقي في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها، فأجملوا في الطلب"(¬4). وقيل لم يسن صلى الله عليه وسلم سنه قط إلا ولها أصل في الكتاب، فجميع سنته بيان للكتاب، فما سنه صلى الله عليه وسلم من البيوع فهو بيان لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)(¬5) وقوله: (وأحل الله البيع وحرم الربا) (¬6). قال الشافعي بعد ذكر هذه الأقوال أو بعضها:" وأي هذا كان فقد بين الله أنه فرض فيه طاعة رسوله..". (¬7) 2- باعتبار الحجية ووجوب الإتباع فالقرآن والسنة في ذلك سواء. وقد بوب لذلك الخطيب البغدادي فقال: " باب ما جاء في التسوية بين حكم كتاب الله تعالى، وحكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب العمل ولزوم التكليف"(¬1). وذكر تحت ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " إلا أني أوتيت القرآن ومثله معه"(¬2). وقوله: " وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله"(¬3).
3- باعتبار أن القرآن الكريم دل على وجوب العمل بالسنة وأن السنة إنما ثبتت حجيتها بالقرآن الكريم. فالقرآن الكريم بهذا الاعتبار أصل للسنة، والأصل مقدم على الفرع.
4- باعتبار البيان فإن السنة مبنية لما أجمل في القرآن، وهي مخصصة لعمومه، مقيدة لمطلقه، والبيان والخاص والمقيد مقدم على المجمل والعام والمطلق، إذ العمل بهذه الثلاثة متوقف على ذلك. فصح بهذا النظر تقديم السنة على الكتاب(¬4)، إلا أن الإمام أحمد كره أن يقال: السنة تقضي على الكتاب، وقال: "ما أجسر على هذا أن أقوله: إن السنة قاضية على الكتاب ! إن السنة تفسر الكتاب وتبينه"(¬5). والمقصود أن الكتاب والسنة متلازمان لا يفترقان، متفقان لا يختلفان؛ كما قال بعض السلف: " إنما هو الكتاب والسنة، والكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب"(¬6).
المبحث الرابع : جهود العلماء لمقاومة حركة الوضع(¬7)
إليك بعض الخطوات التي ساروها في سبيل النقد حتى أنقذوا السنة مما دبر لها من كيد، ونظفوها مما علق بها من أوحال.
صفحہ 13
أولا: إسناد الحديث لم يكن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته يشك بعضهم في بعض كما رأيت، ولم يكن التابعون يتوقفون عن قبول أي حديث يرويه صحابي عن رسول الله، حتى وقعت الفتنة وقام اليهودي الخاسر عبدالله بن سبأ بدعوته الآثمة التي بناها على فكرة التشيع الغالي القائل بألوهية علي رضي الله عنه، وأخذ الدس عل السنة يربو عصران بعد عصر، عندئذ بدأ العلماء من الصحابة والتابعين يتحرون في نقل الأحاديث ولا يقبلون منها إلا ما عرفوا طريقها ورواتها، واطمأنوا إلى ثقتهم وعدالتهم. يقول ابن سيرين فيما يرويه عنه الإمام مسلم في مقدمة صحيحه:" لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم. فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم" وقد ابتدأ هذا التثبت منذ عهد صغار الصحابة الذين تأخرت وفاتهم عن زمن الفتنة، فقد روى مسلم في مقدمة صحيحه عن مجاهد أن بشيرا العدوي جاء إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه، فقال: يا ابن عباس مال ي أراك لا تسمع لحديثي، أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسمع ؟ فقال ابن عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والمذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف.ثم أخذ التابعون في المطالبة بالإسناد حين فشا الكذب يقول أبو العالية: "كنا نسمع الحديث من الصحابة فلا نرض حتى نركب إليهم فنسمعه منهم، ويقول ابن المبارك: "الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء "ويقول ابن المبارك أيضا: "بيننا وبين القوم القوائم" يعني الإسناد (¬1).
صفحہ 14
ثانيا: التوثق من الأحاديث وذلك بالرجوع إلى الصحابة والتابعين وأئمة هذا الفن، فلقد كان من عناية الله بسنة نبيه أن مد في أعمار عدد من أقطاب الصحابة وفقهائهم ليكونوا مرجعا يهتدي الناس يهديهم ، فلما وقع الكذب لجأ الناس إلى هؤلاء الصحبة يسألونهم ما عندهم أولا: ويستفتونهم فيما يسمعونه من أحاديث وآثار. روى مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن أبي مليكه قال: " كتبت إلى ابن عباس أن يكتب لي كتابا ويخفي عني فقال: ولد ناصح أنا اختار له الأمور اختيارا وأخفي عنه، قال فدعا بقضاء علي فجعل يكتب منه أشياء ويمر بالشيء، فيقول: والله ما قضي بهذا علي إلا أن يكون قد ضل" ولهذا الغرض أنه كثرت رحلات التابعين بل بعض الصحابة أيضا من مصر إلى مصر ليسمعوا الأحاديث الثابتة من الرواة الثقاة، وقد تقدم لك سفر جابر بن عبدالله إلى الشام، وأبي أيوب إلى مصر لسماع الحديث. ويقول سعيد بن المسيب: إني كنت لأسير الليالي والأيام في طلب الحديث الواحد وحدث الشعبي مرة بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال لمن حدثه به:" خذها بغير شيء قد كان الرجل يرحل فيما دونها إلى المدينة" ويقول بشر بن عبدالله الحضرمي: إن كنت لأركب إلى المصر من الأمصار في طلب الحديث الواحد لأسمعه.
ثالثا: نقد الرواة
وبيان حالهم من صدق أو كذب. وهذا باب عظيم وصل منه العلماء إلى تمييز الصحيح من المكذوب والقوي من الضعيف. وقد أبلوا فيه بلاء حسنا. وتتبعوا الرواة ودرسوا حياتهم وتاريخهم وسيرتهم وما خفي من أمرهم بهم ورع ولا حرج. قيل ليحيى بن سعيد القطان:"أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله يوم القيامة ؟ فقال: لأن يكون هؤلاء خصمي أحب إلي من أن يكون خصمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لم لم تذب الكذب عن حديثي ؟". وقد وضعوا لذلك قواعد ساروا عليها فيمن يؤخذ منه ومن لا يؤخذ، ومن يكتب عنه ومن لا يكتب.
صفحہ 15
رابعا: وضع قواعد عامة لتقسيم الحديث وتمييزه وذلك أنهم قسموا الحديث إلى ثلاثة أقسام: صحيح، وحسن، وضعيف. أما الصحيح فهو ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو إلى منتهاه من صحابي أو من دونه، ولا يكون شاذا ولا مردودا ولا معللا بعلة قادحة .. وأما الحسن : واختلفوا في حد الحسن لأنه كما قال الشيخ ابن الصلاح: لما كان وسطا بين الصحيح والضعيف في نظر الناظر لا في نفس الأمر، عسر التعبير عنه وضبطه على كثير من أهل هذه الصناعة، وذلك لأنه أمر نسبي، شيء ينقدح عند الحافظ ربما تقصر عنه عبارته، ثم اختار التعبير عنه بقوله: "الحديث الحسن قسمان:
(أحدهما): الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته غير أنه ليس مغفلا كثير الخطأ، ولا هو متهم بالكذب، ويكون متن الحديث قد روي مثله أو نحوه من وجه آخر".
(الثاني): أن يكون راويه من المشهورين بالصدق والأمانة ولم يبلغ درجة رجال الصحيح في الحفظ والإتقان ولا يعد ما ينفرد به منكرا ولا يكون المتن شاذا ولا معللا" هذا ولم يكن قدماء المحدثين في القرن الأول والثاني قد اصطلحوا على تسمية قسم من الأحاديث بهذا الاسم (الحسن) وإنما حدث بعد ذلك في عصر أحمد والبخاري ، ثم اشتهر بعد ذلك. الضعيف:وهو القسم الثالث من أنواع الحديث عندهم، وهو ما لم تجتمع فيه صفات الصحيح ولا صفات الحسن، وقد سموه باعتبار منشأ الضعف فيه إما في سنده، أو في متنه . وترتب عل هذه الجهود ثمار كان من أبرزها ما يلي:
صفحہ 16
أولا: تدوين السنة 1- قدمنا أن السنة لم تدون رسميا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما دون القرآن الكريم، إنما كانت محفوظة في الصدور نقلها صحابة الرسول إلى من بعدهم من التابعين مشافهة وتلقينا، وإن كان عصر النبي لم يخل من كتابة بعض الحديث، ولقد انقضى عصر الصحابة ولم تدون فيه السنة إلا قليلا، إنما كانت تتناقلها الألسن.نعم لقد فكر عمر رضي الله عنه بتدوين السنة ولكنه عدل عن ذلك.
صفحہ 17
وتكاد تجمع الروايات أن أول من فكر بالجمع والتدوين من التابعين عمر ابن عبدالعزيز، إذ أرسل إلى أبي بكر بن حزم عامله وقاضيه على المدينة "انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء" وطلب منه أن يكتب له ما عند عمرة بنت عبدالرحمن الأنصارية (98ه) والقاسم بن محمد بن أبي بكر (106ه) والذي يظهر أنه لم يخص ابن حزم بهذا العمل الجيل، بل أرسل إلى ولاة الأمصار كلها وكبار علمائها يطلب منهم مثل هذا، فقد أخرج أبو نعيم في تاريخ أصبهان أن عمر بن عبدالعزيز كتب إلى أهل الآفاق: انظروا إلى حديث رسول الله فاجمعوه وبذلك نفذ عمر رغبة جده عمر ابن الخطاب التي جاشت في نفسه مدة ثم عدل عنها خوفا من أن تلتبس بالقرآن أو يصرف الناس إليها، والذي يظهر أن أبا بكر بن حزم كتب لعمر شيئا من السنة فقد أنفذ إليه ما عند عمرة والقاسم، ولكنه لم يدون كل ما في المدينة من سنة وأثر، وإنما فعل هذا الإمام محمد بن مسلم بن شهاب الزهري (124ه) الذي كان علما خفاقا من أعلام السنة في عصره والذي كان عمر بن عبدالعزيز يأمر جلساءه أن يذهبوا إليه لأنه لم يبق على وجه الأرض أحد أعلم بالسنة منه، والذي يظهر أيضا أن تدوين الزهري للسنة لم يكن كالتدوين الذي تم على يد البخاري ومسلم أو أحمد وغيره من رجال المسانيد، وإنما كان عبارة عن تدوين كل ما سمعه من أحاديث الصحابة غير مبوب على أبواب العلم، وربما كان مختلطا بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين، وهذا ما تقتضيه طبيعة البداءة في كل أمر جديد، وقد نستأنس لهذا بما روي عنه من أنه كان يخرج لطلابه أجزاء مكتوبة يدفعها إليهم ليرووها عنه، وبذلك كان الزهري رضي الله عنه أول من وضع حجر الأساس في تدوين السنة في كتب خاصة، بعد أن كان عدد من علماء التابعين يكرهون كتابة العلم خشية من ضعف الذاكرة، بل كان الزهري نفسه في بدء شهرته العلمية يكره كتابة العلم ويمتنع عنه، حتى رغب إليه بذلك عمر بن عبدالعزيز، وسيأتي معنا مزيد بيان لهذا البحث عند الكلام عن الزهري. ثم شاع التدوين في الجيل الذي يلي جيل الزهري.وكان أول من جمعه بمكة: ابن جريج (- 150ه). وابن إسحاق (-151ه). وبالمدينة سعيد بن أبي عروبة (-156ه). والربيع بن صبيح (-160ه) والإمام مالك (-179ه) وبالبصرة حماد بن سلمة (-167ه) وبالكوفة سفيان الثوري (-161ه) وبالشام أبو عمرو الأوزاعي (-157ه) وبواسط هشيم (-173ه) وبخراسان عبدالله بن المبارك (-181ه) وباليمن معمر (-154ه) وبالري جرير بن عبد الحميد (-188ه) وكذلك فعل سفيان بن عيينة (-198ه) والليث بن سعد (-175ه) وشعبة بن الحجاج (-160ه). وهؤلاء جميعا كانوا في عصر واحد ولا يدري أيهم سبق إلى ذلك، وكان صنيعهم في التدوين أن يجمعوا حديث رسول الله مختلطا بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين مع ضم الأبواب بعضها إلى بعض في كتاب واحد، قال الحافظ ابن حجر: إن ما ذكر إنما هو بالنسبة للجمع في الأبواب، وأما جمع حديث إلى مثله في باب واحد فقد سبق إليه الشعبي فإنه روي عنه أنه قال: هذا باب من الطلاق جسيم".ثم جاء القرن الثالث فكان أزهى عصور السنة وأسعدها بأئمة الحديث وتآليفهم العظيمة الخالدة . فقد ابتدأ التأليف في هذا القرن على طريقة المسانيد: وهي جمع ما يروي عن الصحابي في باب واحد رغم تعدد الموضوع، وأول من فعل ذلك عبدالله بن موسى العبسي الكوفي، ومسدد البصري، وأسد بن موسى ونعيم ابن حماد الخزاعي، ثم اقتفى أثرهم الحفاظ فصنف الإمام أحمد مسنده المشهور.
صفحہ 19
وكذلك فعل إسحاق بن راهويه، وعثمان بن أبي شيبة وغيره، وكانت طريقة هؤلاء في التأليف أن يفردوا حديث النبي صلى الله عليه وسلم بالتأليف دون أقوال الصحابة وفتاوى التابعين، ولكنهم كانوا يمزجون فيها الصحيح بغيره، وفي ذلك من العناء ما فيه من على طالب الحديث، فإنه لا يستطيع أن يتعرف على الصحيح منها إلا أن يكون من أئمة الشأن، فإن لم يكن له وقوف على ذلك اضطر إلى أن يسأل أئمة الحديث فإن لم يتيسر له بقي الحديث مجهول الحال عنده. وهذا هو ما حدا بإمام المحدثين ودرة السنة في عصره محمد بن إسماعيل البخاري (-256ه) أن ينحو في التأليف منحى جديدا بأن يقتصر على الحديث الصحيح فقط دون ما عداه، فألف كتابه الجامع الصحيح المشهور، وتبعه في طريقته معاصره وتلميذه ا لإمام مسلم بن الحجاج القشيري (-261ه) فألف صحيحه المشهور، وكان لهما فضل تمهيد الطريق أمام طالب الحديث ليصل إلى الصحيح من غير بحث وسؤال، وتبعهما بعد ذلك كثيرون، فألفت بعدهما كتب كثيرة من أهمها:سنن أبي داود (-275ه) والنسائي (-303ه) وجامع الترمذي (-279ه) وسنن ابن ماجه (-273ه) وقد جمع هؤلاء الأئمة في مصنفاتهم كل مصنفات الأئمة السابقين، إذ كانوا يروونها عنهم كما هي عادة المحدثين، ثم جاء القرن الرابع فلم يزد رجاله على رجال القرن الثالث شيئا جديدا إلا قليلا مما استدركوه عليهم، وكل صنيعهم جمع ما جمعه من سبقهم.والاعتماد على نقدهم، والإكثار من طرق الحديث، ومن أشهر الأئمة في هذا العصر الإمام سليمان ابن أحمد الطبراني (-360ه) .
صفحہ 20
بهذا تم تدوين السنة وجمعها وتمييز صحيحها من غيره، ولم يكن لعلماء القرون التالية إلا بعض استدراكات على كتب الصحاح، كمستدرك أبي عبدالله الحاكم النيسابوري (-405ه) الذي استدرك فيه على البخاري ومسلم أحاديث يرى أنها من الصحاح متفقة مع شرطيهما مع أنهما لم يخرجاها في صحيحهما، وقد سلم له العلماء- ومن أشهرهم الذهبي- قسما منها وخالفوه في قسم آخر.
ثانيا: علم مصطلح الحديث
ومن ثمار هذه الحركة المباركة أن دونت القواعد التي وضعها العلماء أثناء حركتهم لمقاومة الوضع، والتي قسموا فيها الحديث إلى ما ذكرناه من أقسام ثلاثة وما يتعلق بها، وبذلك كان عندنا علم مصطلح الحديث الذي يضع القواعد العلمية لتصحيح الأخبار، وهي أصح ما عرف في التاريخ من قواعد علمية للرواية والأخبار بل كان علماؤنا رحمهم الله هم أول من وضعوا هذه القواعد على أساس علمي لا مجال بعده للحيطة والتثبت.
صفحہ 21
وعلم مصطلح الحديث يبحث عن تقسيم الخبر إلى صحيح وحسن وضعيف، وتقسيم كل من هذه الثلاثة إلى أنواع، وبيان الشروط المطلوبة في الراوي والمروي وما يدخل الأخبار من علل واضطراب وشذوذ، وما ترد به الأخبار وما يتوقف فيها إلى أن تعضد بمقويات أخرى، وبيان كيفية سماع الحديث وتحمله وضبطه، وآداب المحدث وطالب الحديث، وغير ذلك مما كان في الأصل بحوثا متفرقة وقواعد قائمة في نفوس العلماء في القرون الثلاثة الأولى إلى أن أفراد بالتأليف والجمع والترتيب، شأن العلوم الإسلامية الأخرى في تطورها وتدرجها. وقد كان أول من ألف في بعض بحوثه علي بن المديني شيخ البخاري، كما تكلم البخاري ومسلم والترمذي في بعض أبحاثه في رسائل مجردة لم يضم بعضها إلى بعض، ولكن أول من صنف في هذا الفن تصنيفا علميا بحيث جمع كل أبوابه وبحوثه في مصنف واحد هو القاضي أبو محمد الرامهرمزي (-360ه) في كتابه: "المحدث الفاصل بين الراوي والسامع" ولكنه لم يستوعب فيه كل بحوث هذا العلم، ثم جاء الحاكم أبو عبدالله النيسابوري المتوفي (-405ه) فألف فيه كتابه "معرفة علوم الحديث" لكنه لم يهذب ولم يرتب، ثم تلاه أبو نعيم الأصفهاني (-430ه) فعمل على كتاب الحاكم مستخرجا، وأبقى أشياء لمن تتبع هذا البحث، ثم جاء بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي (-463ه) فصنف في قوانين الرواية كتابا سماه "الكفاية" وفي آدابها كتابا سماه "الجامع لآداب الشيخ والسامع" وقد أفرد لكل من فنون الحديث مصنفا خاصا، ثم جاء ممن بعده القاضي عياض (-544ه) فألف كتابه" الإلماع" مستمدا بحوثه من كتب الخطيب..
صفحہ 22