وهاهنا هداية من الله سبحانه أخرى جزاء منه للمطيعين المؤمنين ، الذين هم لما دلهم عليه وهداهم له وبينه لهم فاعلون, وهي مايزيده من أطاعه واتبع مادله عليه وهداه له بلطفه من شرحه لصدره ، وفتحه لسمعه وبصره ، وتذكيته لقلبه ، حتى يزداد بصيرة في دينه ومعرفته ويقينه ، قال الله سبحانه في بيان ذلك :?ومن يؤمن بالله يهد قلبه? وقال في الآية التي تلوتها قبل هذه في سورة البقرة :?فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه? فأخبر في أول الآية أنه هداهم هداية الدلالة في الإبتداء, وأخبر في الآية أنه هداهم هداية أخرى لما أمنوا واتبعوا مادلهم عليه أولا.
وقال جل ذكره في ذلك :?والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم? معنى ذلك : الذين فعلوا مادلهم عليه في الإبتداء ، وبينه لهم من الهدى ، زادهم هدى بما شرحه من صدورهم ، وفتحه من أسماعهم وأبصارهم ، حتى وقع بذلك منهم حسن اختيارهم.
ومعنى ?وآتاهم تقواهم? أي : آتاهم ثواب تقواهم كما قال جل ذكره في مكان آخر:?نوف اليهم أعمالهم فيها وهم فيها لايبخسون? وقال: ?وإن تطيعوا الله ورسوله لايلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم? معنى ذلك أجمع : أنه يوفيهم جزاء أعمالهم والله المعبود والمحمود.
صفحہ 53