وهنا هداية أخرى من الله سبحانه وهي الحكم لمن أطاعه واتبع مادله عليه بالهداية ، كما يقول القائل : هديت فلانا إذا فعل طاعة الله وأضللته : إذا فعل معصية الله أي حكمت عليه بذلك ، قال الله سبحانه في بيان ذلك :?من يهدي الله فهو المهتدي? لأن الله هدى الناس جميعا هداية بالدلالة والتبيين في الإبتداء فلا يقع في ذلك اختصاص لأحد دون أحد ، وإنما يقع الإختصاص منه سبحانه لمن اهتدى واتبع مادله عليه فحكم له بالإهتداء ، وهذا هداية أخرى واهتداء من أفعال العباد لما دلهم عليه وأمرهم به من طاعته واتباع مرضاته ، وذلك فاهتداء من العباد لهم من الله عليه الثواب وجميل جزاء وكريم مآب ، والهدايات الأولى التي قد تقدم ذكري أياها فهي أفعال الله للعباد ولاجزاء لهم عليها في الدنيا ولافي المعاد.
ومن الدليل من كتاب الله تعالى على هذه الهداية وهذا الإهتداء المخصوص بهما العباد قول الله تعالى :?والذين اهتدوا زادهم هدى? معنى ذلك : الذين فعلوا مادلهم عليه وأمرهم به ، زادهم الله عليه هداية ، وآتاهم ثواب طاعتهم له.
وقوله سبحانه :?من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولاتزر وازرة وزر أخرى وماكنا معذبين حتى نبعث رسولا? .
وقوله في الزمر:?إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وماأنت عليهم بوكيل? .
صفحہ 54