ثم أخبر أنه لايغفر أن يشرك به في الطاعة فيطاع من جهة ، ويطاع الشيطان من جهة أخرى ، بما وصف عن الشيطان أنه يعدهم ويمنيهم ويأمرهم يبتكون آذان الأنعام ، ويأمرهم بتغيير خلق الله ، فيفعلون ويقبلون منه ، ويطيعونه مع طاعتهم لله ، وذلك شرك بالله في الطاعة ؛ لأنهم أطاعوا الله في بعض أمره وأطاعوا الشيطان في بعض أمره ، وذلك من المعاصي في ماأوعد الله عليه من الكبائر.
فأما الصغائر فإن الله جل ذكره وعد مغفرتها وتكفيرها, والصغائر فهي التي فيها ?ويغفر مادون ذلك لمن يشاء? وكذلك قال سبحانه فيما بين في هذه السورة ?إن تجتنبوا كبائر ماتنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما? فتكفيرها بسترها وتمحيصها في الدنيا بالمصائب فمصائب المؤمنين تمحيص لصغائر ذنوبهم ، ومصائب الكافرين محق لهم ، قال جل ذكره :?ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين?.
ثم أخبر سبحانه في آخر الآيات ماحقيقة هذا الشرك الذي بعدت مغفرته عمن لم يتب منه فقال:?ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا? الى قوله :?ولايجدون عنها محيصا? .
قال < الناصر> الحسن بن علي عليه السلام : ولانعرف في جميع الخلق أحدا قال: إن الشيطان ربي وخالقي ، وإنما عبدوه وتولوه بطاعتهم إياه ، ومعصيتهم لله وبيان هذا في كتاب الله كثير ، وأنا ذاكر من ذلك ماهو شفاء من الداء لمن نصح نفسه إن شاء الله.
قال الله عزوجل في الأنعام :?ولاتأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون الى أوليائهم ليجادلوكم وإن اطعتموهم إنكم لمشركون? يعني : شياطين الإنس والجن الذين قال فيهم :?شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا? وقال عزوجل في سورة الكهف :?قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم اله واحد? الى آخر السورة .
فأمر سبحانه بالعمل الصالح ، وأعلم أن ذلك عبادة له ، ثم أمر أن لايشرك به في العبادة التي هي الطاعة أحدا من خلقه.
صفحہ 45