بیروت روتی ہے رات کو

شوقی عبد الحکیم d. 1423 AH
39

بیروت روتی ہے رات کو

بيروت البكاء ليلا

اصناف

وسمع حديثا جانبيا بين المرضى والجرحى في أطراف العنبر شاهق الطول، شديد الضيق، الشبيه بإسطبل إنجليزي الطراز، طليت جدرانه بلون أصفر لموني، وما زالت لمبات سقفه المدلاة في أعناقها وسلوكها مشعلة، رغم أن الوقت كان ضحى نهار يوم جديد، قال أحد المرضى: إن ما حدث كان متوقعا، نتيجة منطقية في منطقتنا، فالنزال يفضي إلى ما نحن فيه.

سمع أوجاعا وتوجعات وسبابا كثيرا، معيدا تساؤله، بل هو راح يحرك عينيه مكتشفا ضياع منظاره، فتكور من فوره باحثا عنه على سريره، وما تحته وحوله، والطاولة وجيوبه بكاملها، فقدت، تساءل: الرئيس ... الباقين.

وضايقه جدا سماعه لتأوهات يعرفها، فتح عينيه عن آخرهما، ومسحهما بفوطة مستطلعا وجه العالية: ما معنى هذا؟

قال: ما معناه؟

قام من فوره مرضوضا مجرجرا إلى الخلف عنه ملاءة السرير حافيا إلى أقارب سريرها، فيما قبل منتصف العنبر شاهق الطول، ضامر العرض، قاربها، نائمة تغط كطفلة راضية أقرب إلى أن تكون في ضيعتها أو حديقة بيتها الريفي، منها إلى هذا العنبر، تحسس جبهتها عن قرب في ذات اللحظة التي قاربت السرير فيها ممرضة، لامست يدها يده قبل أن تستقر على جبهة العالية نائمة، انسحب من فوره عائدا إلى سريره كمن يطمئن نفسه: تنفسها طبيعي.

استقر المهاجر على سريره مدخنا في شره، صامتا بلا منظار، لحين انفتاح أقصى أبواب العنبر ودخول وفد الأطباء وكبار الزائرين يتقدمهم ثلاثة مصورين صحفيين، راحوا يصورون كبار الزوار وهم يسلمون على المرضى والجرحى، ويقدمون لهم الزهور الصناعية والشيكولاتا، والهدايا التذكارية في لطف بالغ، والمصورون ينحنون ويتلوون بفلاشاتهم لتغطية كل الزوايا.

ولدهشته اكتشف الرئيس ونائبته في مقدمة الوفد الوزاري الزائر. - هما!

تنبه مادا جذعه الناحل الطويل المنتهي بوجهه وأعلى ذقنه المشرئبة، حين قارب الوزير وكبار الزوار فراش العالية، والمحاولات الكثيرة التي بذلت من الأطباء والممرضين والسيسترات لإيقاظها، بل حتى مصوري الصحف والتليفزيون أخفضوا من إضاءاتهم التي كانت منذ قليل مسلطة كمثل جمر فحم على وجهها الفينيقي البرنزي وسباتها، وذلك التنفس الهادي الوردي الصادر عبر أنفها الطويل القائم كمثل زاوية منفرجة مع سطح الوجه المسترخي إلى حد النوم. - تنفسها طبيعي للغاية.

اعتدل جالسا في منتصف سريره، تسح عيناه رامشة أكثر بلا منظار.

على هذا النحو رمقه الرئيس ونائبته حين أحاط بفراشه ستة مصورين مسلطين إضاءاتهم، بل إن بعضهم اعتلى سريره بحثا عن زوايا جديدة، وتكوين مبتكر.

نامعلوم صفحہ