من أكاذيب الغلاة الوضاعين، وقد بيَّن الله تعالى حكمته في خلق السماوات والأرض في كثير من سورة القرآن كما في الآية التي تأتي بعد، وهي قول الله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ ١، ولها نظائرها تبين حكمة الرب في خلق السماوات والأرض.
وقوله: وكيف ينكر تصرفه في إعطاء أحد بإذن الله من الدنيا في حياته، أو في الآخرة بعد وفاته؟
التصرف في الكون لله وحده
(أقول): هذا كلام من اجترأ وافترى وأساء الأدب مع الله، وكذب على رسوله ﷺ ولم يعرف حقيقة الشفاعة، ولا عرف تفرُّد الله بالملك يوم القيامة. وهل قال رسول الله ﷺ أو أحد من أصحابه أو من بعدهم من أئمة الإسلام: إن أحدا يتصرَّف يوم القيامة مع الله في ملكه؟ ولو أطلقت هذه العبارة في حق رسول الله ﷺ لادَّعاها كلٌّ لمعبوده من نبي أو ملك أو صالح أنه يشفع له إذا دعاه. ﴿سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ﴾ ٢، وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾ ٣ الآية، وقال: ﴿لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾ ٤. وهذا القول الذي قاله هذا الجاهل قد شافهنا به جاهل مثله بمصر، يقول: الذي يتصرف في الكون سبعة: البدوي والإمام الشافعي والشيخ الدسوقي، حتى أكمل السبعة من الأموات، هذا يقول: هذا وليُّ له شفاعة، وهذا صالح كذلك، وقد قال الله تعالى: ﴿لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاق يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ ٥ إلى قوله: ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ ٦. وأي ظلم أعظم من الشرك بالله، ودعوى الشريك له في الملك والتصرف؟ وهذا غاية الظلم.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في معنى قوله تعالى:
﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ
_________
١ سورة الطلاق آية: ١٢.
٢ سورة الفرقان آية: ١٨.
٣ سورة هود آية: ١٠٥.
٤ سورة النبأ آية: ٣٨.
٥ سورة غافر آية: ١٥، ١٦.
٦ سورة غافر آية: ١٨.
1 / 245