واستلامه والحج إليه والذبح عنده، ثم ينقله درجة أخرى إلى دعاء الناس لعبادته، واتخاذه عيدا ومنسكا، وأن ذلك أنفع لهم في دنياهم وأخراهم.
مراتب البدع عند القبور
قال شيخنا -قدَّس الله روحه-: "وهذه الأمور المبتدعة عند القبور مراتب، أبعدها عن الشرع أن يسأل الميت حاجته ويستغيث به فيها كما يفعله كثير من الناس". قال: "وهؤلاء من جنس عُبَّاد الأصنام، وهذا يحصل للكفار من المشركين وأهل الكتاب، يدعو أحدهم من يعظمه، ويتمثَّل لهم الشيطان أحيانا، وقد يخاطبهم ببعض الأمور الغائبة، ثم ذكر المرتبة الثانية وهي أن يسأل الله به". قال: وهو بدعة باتفاق المسلمين.
(والثالثة): أن يظن أن الدعاء عند قبره مستجاب، أو أنه أفضل من الدعاء في المسجد، فهذا أيضا من المنكرات المبتدعة باتفاق المسلمين وهي محرمة، وما علمت في ذلك نزاعا بين أئمة الدين، وإن كان كثير من الناس يفعل ذلك. انتهى.
ففرض على كل أحد أن يعلم ما أمر الله ورسوله به، من إخلاص العبادة لله وحده، فإنه الدين الذي بعثه الله به، وأن يترك ما نهى الله عنه ورسوله ﷺ من الشرك فما دونه كما قال تعالى: ﴿وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ ١ الآية، وأن لا يدين الله تعالى إلا بما دلَّ الدليل على أنه من دين الله، ولا يكون إمعة يطير مع كل ريح.
فإن الناس من أمة محمد ﷺ والأمم قبلها قد تنازعوا في ربهم وأسمائه وصفاته، وما يجب له على عباده، وقد قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ ٢.
فيا سعادة من تجرَّد عن العصبية والهوى، والتجأ إلى حصن الكتاب والسنة، فإن العلم معرفة الهدى بدليله، وما ليس كذلك فجهل وضلال.
النبي ينهى أمته عن كل ما يؤول بهم إلى الغلو
وأما قول المعترض: فانظر إلى (الشفاء) تجده حكى كفر مَنْ قال مثل هذه الكلمة
_________
١ سورة يونس آية: ١٠٦.
٢ سورة النساء آية: ٥٩.
1 / 241