والمشار إليه في اسم الإشارة في قوله تعالى: ﴿إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ (١) هو توحيد الألوهية المدلول عليه بتوحيد الربوبية الذي هو غاية له، والدليل على ذلك قوله ﷺ "يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديا به. قال فيقول نعم فيقول: قد أردت منك أهون من ذلك قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا أن تشرك بي" رواه البخاري ومسلم وأحمد.
فإذا صرف هذا الفارسي توحيد الربوبية الذي وحد الله به جميع الخلائق ولم يقع الخصام فيه فإذا صرف هذا للمشايخ والأولياء والصالحين فما باله في توحيد الألوهية الذي أبى أن يقره المشركون ورفضوه والذي أوجب الله الجهاد لتقريره وأرسل الرسل وأنزل الكتب له وهو أشد عنادا وجحودا في هذا النوع من التوحيد حيث أنه صرح أن الأولياء والمشايخ والصالحين يقصدون لقضاء الحاجات وكشف البليات سبحان الله ما أعظم هذا الشرك وأقبحه وما أجهل من اعتقد هذا الاعتقاد وأغفله ولا حول ولا قوة
إلا بالله.
٤-وكذلك رمى من أخلص الدعاء والتوجه والقصد والرجاء والخوف لله وحده لا شريك له وتبرأ عما سواه في جميع ذلك بالاعتزال جهلا منه بأصول المعتزلة ومذاهبهم وعقائدهم وقد انقلب رأسا على عقب حيث لم يفرق بين الغث والسمين.
٥-كما قرر أيضا بجواز الاستمداد من أهل القبور وقطع بسماعهم في القبور من يناديهم في طلب قضاء الحوائج وإسعاف الفواجع وجزم كذلك أنهم يتصرفون ويدبرون الكون في قبورهم وأن تدبيرهم وتصريفهم وإغاثتهم لقاصديهم أتم وأقوى من حال حياتهم، ومن هنا نعرف أن هذا المبتدع لم يترك شيئا مما هو خالص حق الله إلا صرف لهؤلاء الأموات الذين هم في أمس الحاجة على الترحم عليهم والاستغفار لهم والدعاء لهم بالعفو والرحمة.
كما أرشد الله عباده المؤمنين إلى ذلك بقوله: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن ْ
_________
(١) سورة الأعراف: من الآية ١٧٢.
1 / 11