اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ (١) .
ولم يوجد من بينهم من صرف خالص الحب والذل والخضوع والعبادة والطلب والقصد والخوف والرجاء لغيره ولم يشركوا مع الله أحدا في الربوبية والخالقية والرازقية بل كان شركهم في العبادة والقصد والطلب والخوف والرجاء حتى أنهم لم يخلصوا ذلك لآلهتهم بل أشركوا الله معهم في ذلك كما قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ (٢) الآية.
ولقد كرر الحق ﷾ ذكر توحيد الربوبية في مواضع كثيرة من كتابه إقامة للبراهين الساطعة والدلائل الواضحة والحجج المقنعة على وحدانيته ووجوب عبادته وطاعته وحبه والذل والخضوع له ووجوب الكفر بما يعبد من دون الله والبراءة منه عما سواه.
ومعنى هذا الكلام: أنتم أيها العقلاء من الإنس والجن إذا اعترفتم وأقررتم أن الله هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت والمعطي المانع يعطي ويمنع ويعز ويذل ويقدر على كل شيء ويعلم كل شيء لا يعزب عن علمه مثقال حبة من خردل، إذا اعترفتم أن جميع ما في الكون علويه وسفليه ملكه وخلقه يدير كيف يشاء لا معقب لحكمه فهذا الإقرار والاعتراف يوجب عليكم أن تخصوه بالعبادة والحب والذل والخوف والرجاء والرغبة والرهبة فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا تسعدوا في الدنيا والآخرة فإن أبيتم تخصيصه بذلك فلا نجاة لكم في الدنيا والآخرة لأنكم معاندون ومكابرون وكاذبون فيما أقررتم به من توحيد الربوبية الذي يستلزم توحيد الألوهية لأن توحيد الربوبية دليل على توحيد الإلهية والعبادة والقصد ووسيلة له.
قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾ (٣) .
_________
(١) سورة الزمر: رقم الآية ٣.
(٢) سورة البقرة: رقم الآية ١٦٥.
(٣) سورة الأعراف: الآية ١٧٢-١٧٣.
1 / 10