وقال لنبيه: ﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (١)، وقال: ﴿وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (٢)، وقال جل وعلا: ﴿وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ (٣)، وقال: ﴿سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ (٤)، وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ (٥) .
فمدح الله تعال نفسه وأثنى عليها بانفراده واختصاصه بعلم الغيب دون خلقه فإن كمال العلم وإحاطته بجميع المعلومات كلياتها وجزئياتها وصف كمال استحق به تعالى أن يطاع ويتقى ويرجى ويعبد.
وعلم الخلائق أجمعين بالنسبة إلى علمه تعالى كنسبة ما يأخذه العصفور في منقاره من البحار كما في قصة موسى والخضر أنهما لما ركبا في السفينة جاء عصفور فنقر في البحر فقال الخضر: ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كما ينقص هذا العصفور من البحر فمن تقرر هذا لديه وآمن بما دل عليه لم يلتفت إلى تحريف معطل ولا إلى رأي مجادل مبطل.
فقول هذا الفارسي وأمثاله إنها إنما تدل على ثبوت العلم بالغيب له تعالى لذته بذاته بمعنى أنه لا يحصل له من غيره ولا تدل على نفيه من عباده
_________
(١) سورة الأعراف: رقم الآية ١٨٨.
(٢) سورة النحل: رقم الآية ٧٧.
(٣) سورة هود: رقم الآية ١٢٣.
(٤) سورة المائدة: رقم الآية ١١٦.
(٥) سورة الحج: رقم الآية ٧٠.
1 / 73