للضر لا غيره وأنه المتعين لكشف الشدائد والكرب، وأنه المنفرد بإجابة المضطرين، وأنه المستغاث لذلك كله، وأنه القادر على دفع الضر والقادر على إيصال الخير فهو المنفرد بذلك فإذا تعين هو جل ذكره خرج غيره من ملك ونبي وولي، قال: الاستغاثة تجوز في الأسباب الظاهرة العادية من الأمور الحسية في قتال أو إدراك عدو أو سبع ونحوهم كقولهم يا لزيد ويا لقوم للمسلمين (١)، كما ذكروا ذلك في كتب النحو بحسب الأسباب الظاهرة بالفعل، وأما الاستغاثة بالقوة والتأثير أو في الأمور المعنوية من الشدائد من المرض وخوف الغرق والضيق والفقر وطلب الرزق ونحوه فمن خصائص الله فلا يطلب فيها غيره.
قال: وأما كونهم معتقدين التأثير منهم في قضاء حاجاتهم كما تفعله جاهلية العرب والصوفية الجهال وينادونهم ويستنجدون بهم فهذا من المنكرات إلى أن قال: من اعتقد أن لغير الله من نبي أو ولي أو روح أو غير ذلك في كشف كربة وقضاء حاجة تأثيرا فقد وقع في واد جهل خطير فهو على شفا حفرة من السعير.
وأما كونهم مستدلين على أن ذلك منهم كرامات فحاشا لله أن يكون أولياء الله بهذه المثابة فهذا ظن أهل الأوثان كذلك أخبر الرحمن: ﴿هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ (٢) .
وقال أيضا: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ
_________
(١) في الأصل: يا لزيد يا لقوم يا للمسلمين، وهذه العبارة غير فصيحة عند النحاة حيث أنه أدخل على المستغاث له ياء النداء والمشهور دخولها على المستغاث به أو المعطوف عليه لا المستغاث له وكذلك المعطوف على المستغاث به بواسطة حرف العطف وقد حذفها ﵀ حيث قال: يا لزيد يا لقوم الخ ويجوز أن تكون فصيحة إن أراد بالكلمات الثلاث المستغاث به وحذف المستغاث له في الجميع والتقدير يا لزيد لبكر يا لقوم لخالد ويا للمسلمين للضعفاء ولكن ذكر المستغاث به مع حذف المستغاث له لم يكن مشهورا وأعتقد أن هذا من الناسخ.
(٢) سورة يونس: من الآية ١٨.
1 / 60