يبلغ كلام ربه ويقول: لا تطيعون هذا الصابئ، ومعنى الصابئ قريب من معنى المعتزلي.
(قال الشيخ عبد اللطيف ﵀:
قال المعترض: فصل ونحمدك يا واجب الوجود، (وقال الراد ﵀: هذا القول الذي صدر به رسالته وهذه العبارة لا تعرف في كلام الله الذي لا يضل من اتبعه ولا يشقى ولا في كلام رسوله الكريم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ولا في كلام أحد من أئمة الإسلام والهدى وإنما أخذها بعض المصنفين عن أهل الكلام. والمناطقة الذين أعرضوا في باب معرفة الله وإثبات وجوده وربوبيته عن الكتاب والسنة وما درج عليه أهل العلم والإيمان من سلف الأمة واعتمدوا في هذا الباب على مجرد الأقيسة الكلامية والمقدمات المنطقية، وأول من عرفت عنه هذه العبارة هو ابن سينا الطبيب المتكلم وخالف سلفه (١) في التعبير بهذا فإنه قسم الوجود إلى واجب
_________
=لهم: هذا ممتنع في ضرورة العقل، كما إذا قيل: ليس بقديم ولا محدث ولا واجب ولا ممكن ولا قائم بنفسه ولا قائم بغيره قالوا: هذا إنما يكون إذا كان قابلا لذلك والقبول إنما
يكون من المتحيز انتفى قبول هذين المتناقضين فيقال لهم: علم الغيب بامتناع الخلو من هذين النقيضين هو علم مطلق لا يستثنى منه موجود والتحيز المذكور إذا أريد به كون الأحياز الموجودة تحيط به فهذا هو الداخل في العالم وإن أريد به أنه منحاز عن المخلوقات إلى مباين لها متميز عنها فهذا هو الخروج ومن هنا تعين بطلان مذهبهم. اهـ الرسالة التدمرية ص ٤٣-٤٤.
(١) والمراد بسلفه الذي أشار إليه الشيخ ﵀ هو أرسطو حيث أنه أول حامل هذه الراية الإلحادية كما ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم وقرر ذلك الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في كتابه (الأدلة القواطع والبراهين في إبطال أصول الملحدين) الذي أوضح فيه جرائم الفلاسفة التي أدت بهم إلى الكفر بالله ورسله وملائكته وانسلاخهم عن الدين السماوي حيث قرر أنهم شر من اليهود والنصارى ومشركي العرب: قال في بيان ذلك: أما بعد فإن الله تعالى بعث رسله مبشرين ومنذرين وجعلهم الهداة والأئمة إلى كل علم صحيح نافع ودين صحيح وإلى كل صلاح وخير، وخص محمد ﷺ بأن جعله خاتمهم وإمامهم وأنزل عليه الكتاب والحكمة فيهما الهدى والنور، وفيهما العلوم النافعة والحقائق الصادقة والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة والآداب العالية إليهما ينتهي كل علم وحق وكمال.=
1 / 46