يمنح العباد ما هو خالص لرب العباد وقرر أن غيره تعالى يعلم الغيب ويتصرف في الكون وينجد الملهوف وينقذ المكروب من الكرب الذي نزل به، وبذلك صرف لغيره تعالى حقه الخاص به، وساق أدلة من الكتاب والسنة على ذلك التي تدل على فراغ جعبته من فهم الشريعة وعلى جهله المركب حيث ظن أن هذه الأدلة التي استدل بها حجة له لا عليه ولم يدر هذا المسكين أنها شاهدة على بعده عن الحق والصواب وعمقه في الغي والضلال حيث يعتبر هذا التبجح منه جحودا لما نطق به القرآن وقام عليه البرهان من تفرده تعالى بعلم الغيب قال تعالى: ﴿قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ (١) ونحو هذه الآية الكريمة كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تخص الباري بعلمه الغيب وتنفي ذلك عن غيره نفيا قاطعا إلا ما يعلمه أنبياءه بطريق الوحي مما استثناه الخالق من هذا العلم الخاص به مثل قوله تعالى: ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾ (٢) وقوله: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ (٣) الآية.
ولا شك أن هذا الكلام الذي كتبه هذا الشخص حول هذه الشبهة التي غرق فيها يدل على مرض قلبه إذ علامة مرض القلب عدوله عن الأغذية النافعة الموافقة إلى الأغذية الضارة، وعدوله عن دوائه النافع إلى دوائه الضار.
فهنا أربعة أشياء:
غذاء نافع، ودواء شاف، وغذاء ضار، ودواء مهلك.
والقلب الصحيح يؤثر النافع الشافي على الضار المؤذي، والقلب المريض بضد ذلك، وأنفع الأغذية غذاء الإيمان، وأنفع الأدوية دواء القرآن، وكل منهما فيه الغذاء والدواء، فمن طلب الشفاء في غير الكتاب والسنة فهو من أجهل الجاهلين وأضل الضالين، قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ
_________
(١) سورة النمل: رقم السورة ٦٥.
(٢) سورة البقرة: من الآية ٢٥٥.
(٣) سورة الجن: الآية ٢٦-٢٧.
1 / 7