عن حذيفة بن اليمان ﵁ أخذ (١) حصاة بيضاء فوضعها في كفه ثم قال: هذا الدين قد استضاء استضاءة هذه ثم أخذ كفا من التراب فجعل يذره على الحصاة حتى واراها ثم قال: والذي نفسي بيده ليجيئ أقوام يدفنون هذا الدين كما دفنت هذه الحصاة ولتسلكن طريق الذين كان من قبلكم حذو القذة بالقذة وحذو النعل بالنعل. يشير ﵁ إلى جنس هؤلاء الذين يلقون على عوام الناس وضعفاء البصائر من الشبهات ما يستميلونهم به إلى دعاء غير الله والالتجاء بسواه والاعتماد والتوكل على الأولياء والصالحين، حتى ينسلخ من استجاب لهم من حقائق الملة والدين، ويصير في زمرة الجاهلية والمشركين.
وفي حديث ثوبان: (إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين) (٢)
_________
(١) وهذا الأثر الذي ذكره حذيفة ﵁ لم أطلع على لفظه في الكتب الصحاح -وإن لم أستوعبها- إلى قوله ﵁ (ولتسلكن طريق الذين كانوا من قبلكم) - وأما هذه الفقرة الأخيرة فجاءت مرفوعة إلى النبي ﷺ في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما وأيضا معنى هذا الأثر السابق جاء مرفوعا إلى النبي ﷺ من رواية حذيفة نفسه في صحيح البخاري حيث أسنده هذا الإمام محمد بن إسماعيل ﵀ فقال: حدثنا محمد بن المثنى: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا بن جابر: حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي: أنه سمع أبا إدريس الخولاني: أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: (كان الناس يسألون رسول الله ﷺ عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال: (قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر) قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: (نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها) قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: (هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا) قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم) قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: (فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك» .
أنظر صحيح البخاري حديث رقم ٣٤١١ج ٣ ص١٣١٩ وأخرجه مسلم في الإمارة باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن رقم الحديث ١٨٤٧.
(٢) رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي والبرقاني في صحيحه.
1 / 42