أتت حواء لتطلبهما لما غابا عنها فوجدته قد حفر له قبرا ووجدت هابيل قتيلًا فحملته وسارت به إلى آدم وقالت: له يا آدم هذا هابيل أكلمه فلا يكلمني ولا ينظر ولا يتحرك. قال: ما باله، قال له قابيل: أنا فعلت به هذا، قال آدم: اذهب عني فقد عصيت الله إياك أن تلقاني، فذهب فلم يلق آدم بعدها. وقال آدم لحواء: هذا الموت الذي أعلمتك به تزودي منه فإنك لن تريه إلى يوم الدين يرجع إلى الأرض التي خلقنا منها، فلما أيقنت بفراقه وأنها لا تراه أبد الأبد عظمت عليها المصيبة ورفعت يديها إلى رأسها صاحت، فمن أجل ذلك صارت كل امرأة على الدنيا إذا أصابتها مصيبة تأدت بيدها على رأسها وصاحت كفعل حواء، فلما بكت حواء قال لها آدم: مذ خلق الموت في الدنيا لم تجف لعاقل فيها عين ولا تجف لأهلها عين يبكون ويبكي عليهم حتى يتفارقوا ونفارقهم يا حواء ذهب الأمل وحل الأجل فمن قدم خيرًا وجده ومن قدم شرًا وجده وأنشأ يقول يرثي هابيل:
تغيرت البلاد ومن عليها ... فوجه الأرض مغبر قبيح
وجاورنا عدوٌ ليس يهدي ... لعينٌ لا يموت فاستريح
أيا هابيل يا ثمر الفؤاد ... أبعد العين مسكنك الضريح
محل تخلق الأجسام فيه ... ويبلى عند الوجه الصبيح
1 / 24