الآخرة إلا داران جنة ونار فإن كانتا خلقتنا فقد خلقت الآخرة في الدنيا فحينئذ يكونان دنيا جميعهما وانتفت الآخرة وذلك غي جائز ويكونان جميعًا آخرة ولا دنيا وقد بينها الله في كتابه فقال في الآخرة تلك الدار الآخرة وقال في الدنيا ﴿وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور﴾ فدار الآخرة عند الله ممدوحة غير غرور وهذه غرور فهذا من الله ﵎ البيان.
ومن حجتهم أن قالوا: إن الجنة دار الخلد لا يخرج منها من قد دخلها وهذه قد خرج منها آدم وحواء وإبليس والجان فهذا دليل على أنها ليست جنة الخلد.
ومن حجتهم أن قالوا: إن جنة الخلد ليست دار تكليف وإنما هي دار جزاء لعمل الدنيا وليس يكلف فيها أحد وقد كلف فيها آدم وحواء ألا يأكلا من الشجرة وكلف إبليس والملائكة السجود لآدم فهذه عبادة تعبدهم الله بها.
ومما احتجوا به أن قالوا إن الجنة التي وعد المتقون فيها فاكهة لا مقطوعة ولا ممنوعة وقد منع آدم وحواء في هذه الأكل من الشجرة وقالوا إن احتج من ناظرنا
أن الله قال ﴿اسكن أنت وزوجك الجنة﴾ إنما هي جنة الخلد سماها الجنة فقال الله ﴿ودخل جنته وهو ظالم لنفسه﴾ فهذا يلزم أن تكون جنة الخلد لأنه سماها جنة.
وقد احتج أيضًا من زعم أن الجنة مخلوقة والنار مخلوقة فقالوا: قال
1 / 19