Çözülme Devri: Arap Ulusunun Tarihi (Altıncı Cilt)
عصر الانحلال: تاريخ الأمة العربية (الجزء السادس)
Türler
وفي سنة 271ه اضطربت بخارى، وعاث المفسدون فيها فطلب أهلها من نصر أن ينقذهم من تلك الفوضى، فبعث إليهم أخاه إسماعيل فوطد الأمن فيها، وحكمها بالنيابة عن أخيه. وفي سنة 272ه عهد الخليفة المعتمد بولاية كافة بلاد بخارى والمشرق إلى نصر. وقد استطاع إسماعيل أن يقضي على الثورات المحلية، وينقذ الفلاحين من ظلم أصحاب الأراضي واستبدادهم، فأحبه الناس وقويت مكانته في البلاد، فطمع إلى الاستقلال بها، ووقعت بينه وبين أخيه نصر خطوب وفتن وحروب دامت مدة طويلة. وفي سنة 275 تغلب جيش إسماعيل على جيش نصر، فأخذ أسيرا، ولما التقى الأخوان تصافيا، ورجع نصر حاكما إلى سمرقند إلى أن مات سنة 279، فأوصى لأخيه من بعده بالملك، وقد كان إسماعيل على جانب عظيم من حسن السياسة والدهاء والإدارة، فتوطدت أركان الدولة في عهده، واتسع نطاقها حتى بلغت أقصى حدود المشرق، وقضى على عمرو بن الليث الصفار أمير خراسان، كما قضى على محمد بن يزيد العلوي صاحب طبرستان، وإسماعيل هذا هو أعظم أمراء هذه الدولة، وهو الذي أسس قواعدها ووسع رقعتها، وقضى على خصومها، ولما هلك في سنة 295ه تعاقب الأمراء عليها إلى سنة 389 حين انتهى أمرها على يد دولة آل سبكتكين الغزنوية والأتراك الخاقانية، كما سنرى بعد.
ويجب أن نلاحظ أنه لم يظهر أمير كفء من هذه الأسرة بعد إسماعيل، ولكن متانة الحكم الساماني وحسن الإدارة التي وطدها إسماعيل مكنت أولاده وأحفاده من الاستمرار في الحكم طول تلك المدة. وعلى يد السامانيين هؤلاء، تم للإسلام إخضاع بلاد ما وراء النهر نهائيا، وكادت بخارى عاصمتهم وسمرقند سيدة حواضرهم أن تسبقا بغداد في ميادين العلم والعرفان والحضارة والتأليف، ولم تخلص هذه الدولة من عناصر التخريب وإشاعة الفوضى على الرغم من عناية أمرائها لتوطيد ملكهم على قواعد العدل والعلم والإصلاح، وقد كان السامانيون مسلمين متعصبين لإسلامهم ولسنيتهم، وحدث أن اتهم أحدهم، وهو نصر الثاني بن أحمد (295-301) بأن هواه مع الإسماعيلية، فاضطر إلى أن يتنازل عن الملك لابنه نوح، وكان نوح فتى حدثا لم يستطع أن يضبط الدولة، وكان للمماليك الأتراك، الذين سيطروا على البلاط، نفوذ كبير عليه، ولم يكن الأمراء الذين خلفوه خيرا منه، فتعاظم نفوذ الحرس التركي في البلاد، وأصبح قادته أصحاب الحل والربط، يتداخلون في السياسة، ويسقطون هيبة الوزارة والإمارة، وقد حدثت عوامل أخرى أضعفت شأن الدولة، وهي ظهور آل بويه في الغرب والأتراك القرخانيين في الشرق، وهم الذين نراهم لأول مرة في التاريخ الإسلامي، يبرزون إلى ميدان السياسة بقبائلهم الطورانية الجرارة القادمة من آسيا الوسطى للسيطرة على مقدرات العالم الإسلامي.
وفي سنة 351ه/962م تمكن ألب تكين التركي، أحد قواد السامانيين أن ينفصل عن جسم الدولة السامانية، ويؤسس دويلة مستقلة في غزنة، ثم خلفه في سنة 366ه/977م مولاه سبكتكين فأعلن ولاءه للسامانيين، وفي سنة 384ه/994م استطاع ابنه محمود أن يخمد بعض الفتن التي قامت على السامانيين فكافئوه بتسميته أميرا على خراسان، وكان ذلك مبدأ دولة محمود بن سبكتكين.
وفي سنة 386ه/996م أراد الأتراك (الإيلاق خاينون) (القرخانيون) الانسيال على الأراضي السامانية، فاستنجد السامانيون بسبكتكين وابنه، واستطاعا أن يوقفا سيل القرخانيين، وعقد صلح بين الطرفين على أن تكون منطقة سهول قطوان، منطقة فاصلة بين الحدودين، وتسلط سبكتكين على كافة الأراضي الواقعة جنوب نهر جيحون، وأخذت دولته تنمو. ولما مات سبكتكين 387ه/997م وانشغل ابنه محمود بتوطيد أركان دولته في غزنة، أراد السامانيون إعادة الجزء الذي سلبهم إياه سبكتكين وابنه، ولكنهم فشلوا في محاولتهم، ثم تراجعوا وجيشهم مشتت، فتمكن محمود من الاستيلاء على خراسان كلها سنة 389ه، وقد انتهز الأتراك القرخانيون تضعضع الدولة السامانية، فهاجموا بخارى عاصمتهم، واستطاعوا السيطرة عليها في سنة 389ه، وهكذا قضي على الدولة السامانية.
وصفوة القول في هذه الدولة، أنها كانت دولة سنية متعصبة، انفصلت عن جسم الإمبراطورية الإسلامية، ولكنها ظلت روحيا متصلة بخلافة بغداد، وكانت حملات أمرائها على الإسماعيلية حملات قوية، أقرت عين الخليفة، وقد رأينا أنه لما دخل الأتراك بلاد ما وراء النهر سنة 291ه واستطاع إسماعيل أن يطردهم وبعث إلى الخليفة كتابا يبشره بالقضاء على فتنة الأتراك، فسر بذلك ولقي كتابه أحسن القبول لدى الخليفة.
وعلى الرغم من أن الدولة السامانية كانت دولة سنية متعصبة، إلا أنها أحيت الآداب والثقافة الفارسية، وجعلت اللغة الفارسية اللغة الرسمية للدولة، وشجع أفرادها الشعراء والكتاب، فألفوا بالفارسية، ويعتبر عصر السامانيين هو العصر الذي نشأ فيه الأدب الفارسي الحديث؛ ففيه نظم الفردوسي «الشاهنامة»، وفيه نقل الوزير العالم البلعمي «كتاب تاريخ الطبري» إلى اللغة الفارسية، وهذان الكتابان هما اليوم من أقدم نصوص النثر الفارسي.
يقول بروكلمان: «... وفي هذا الوقت تفتح الوعي القومي عند الفرس من جديد، بعد أن استعبدتهم سيادة العرب السياسية والدينية زمنا طويلا، ومع أن الفرس تفوقوا على العرب في إدارة الدولة وفي النواحي الثقافية تفوقا كبيرا، منذ ابتداء الدولة العباسية؛ فقد كانت خدماتهم ذات فائدة للعرب فيما بعد؛ إذ لم يعد من الممكن إقصاء لغة التنزيل عن الشئون العامة وعن الأدب جميعا، بيد أن الفرس تذكروا - هنا في الشرق لأول مرة - شرف لسانهم القومي وعظمته، وعلى الرغم من أن أشراف الفرس من أصحاب الأراضي لم ينقطعوا يوما عن العناية بمضافرهم القومية في سير ملوكهم وأبطالهم، وعلى الرغم من أن الشعب لم ينس - غير شك - فن إنشاد الشعر، فالحق أن تلقيح هذا الإرث الروحي من جديد لم يتم إلا في بلاط السامانيين، وعلى أيديهم؛ ففي ظل نصر الثاني لمع «رودكي» أول شاعر غنائي فارسي، وصلتنا عنه أخبار على شيء من التفصيل، وعلى الرغم من أن شعره لم يخل من الكلمات العربية، وعلى الرغم من أن الأوزان التي اصطنعها كانت كأوزان جميع شعراء الفرس من بعده مفرغة في القوالب العربية، فقد دعا في منظومته إلى فلسفة في الحياة بعيدة عن الهم والغم ناضجة بالحبور مستوحاة، على الرغم من وصايا الإسلام، لا من حيث النساء والغناء فحسب، بل من حيث الخمر أيضا، وكان رودكي إلى ذلك مؤسس الملحمة التعليمية، وهي أخصب فروع الأدب الفارسي على الإطلاق ... وفي بلاط السامانيين بلغت الجغرافية العربية أوجها العلمي أيضا ... وفي بلاط إسماعيل ألف الوزير الجيهاني كتابا لم يصلنا، استطرد فيه من بحث الضرائب إلى وصف البلدان المجاورة، ثم إن أبا زيد البلخي، وكان في خدمة إسماعيل ببلخ، وضع مصورا جغرافيا وجعله ذيلا لأطلس إسلامي قديم موضوع على أساس اقتبسه كتاب الخوارزمي قبل سنة 846 عن جغرافية بطليموس.»
لقد اعتنوا بالعلوم الإسلامية عامة، وشجعوا العلماء على الكتابة، فوصف عهدهم بأنه من أزهر العصور العلمية. وقد عرف حبهم للعلم وعنايتهم بأهله فقصدهم العلماء من الأرجاء وأفادوا منهم، وقدموا إليهم كتبهم. ومن كبار علماء دولتهم الطبيب الفيلسوف الرازي الأشهر الذي ألف كتابه الطبي المعروف بالمنصوري نسبة للأمير أبي صالح منصور الساماني، ومنهم الفيلسوف ابن سينا الذي زار نوح الثاني فكرمه وفتح له أبواب خزانته الملكية، فأفاد من كنوزها. (1-6) الدولة الساجية
من تلك الدول الدولة الساجية التي حكمت من سنة 266 إلى سنة 318ه، ورأس هذه الدولة هو يوسف بن أبي الساج عامل أرمينية وأذربيجان في عهد المقتدر، وكان يوسف داهية حازما تولى أرمينية وأذربيجان سنة 266ه، وقوي مركزه في عماله فثار على بغداد وأعلن انفصاله عنها، فاضطر علي بن الفرات وزير الخليفة أن ينفق كثيرا من موارد الدولة في سبيل القضاء على ثورة ابن أبي الساج، فلم يفلح، ووقعت الدولة في أزمة مالية كبرى، وتمكن ابن أبي الساج من القضاء على جيش مؤنس التركي، واتهم ابن الفرات بممالأة ابن أبي الساج، فغضب عليه المقتدر، وحاول تبرئة نفسه من ذلك، فأرسل جيشا جديدا للقضاء على ثورة أذربيجان فلم يفلح، واضطرب الخليفة وعزل ابن الفرات ثم سجنه، ولكن ذلك لم يمنع من انفصال ابن أبي الساج ومصادرة أموال الدولة، وقوي نفوذ الساجية في أرمينية وأذربيجان والري، وجرت بينهم وبين أعدائهم المجرية معارك وحروب لاقت البلاد من ويلاتها كثيرا، وقد استمر الحكم في يد الساجية على بلاد أذربيجان إلى سنة 318 حين قضي عليهم نهائيا.
ومن الدول التي ظهرت في هذه الفترة وانسلخت عن جسم الإمبراطورية العباسية: (1-7) دولة الأدارسة في المغرب العربي
Bilinmeyen sayfa