Çözülme Devri: Arap Ulusunun Tarihi (Altıncı Cilt)
عصر الانحلال: تاريخ الأمة العربية (الجزء السادس)
Türler
كان أهل اليمن منذ نشأة دولة بني العباس لا يقرون بدولتهم؛ لأنهم يميلون إلى «آل علي» ويرون أن «آل العباس» قد ظلموا العلويين وفتكوا بهم؛ فلذلك لم يخضعوا لحكمهم خضوعا تاما، وكانوا يتحينون الفرص لخلع طاعتهم وتأسيس دولة علوية مستقلة، فكانت الثورات في اليمن لا تهدأ؛ ولذلك بعث إليهم المأمون بقائد عربي قوي هو محمد بن إبراهيم الزيادي، أحد أبناء زياد بن أبي سفيان، فولاه اليمن في سنة 203ه، وكان إنسانا قويا فاتكا، فتوجه إلى مكة للحج، ثم قصد اليمن ففتح تهامة، واختط مدينة زبيد، ثم شرع في تتمة فتح بلاد اليمن حتى أخضعها جميعها، وقضى على روح الثورة، وأرجع الخطبة للعباسيين، وما زال أمر الزيادي هذا في نمو، وسلطانه في قوة، حتى صار كالملك المستقل، إلا أنه استمر في ولائه للعباسيين، وفي حمل الهدايا والخراج إليهم.
وقد طال ملكه إلى سنة 245ه، ثم انتقل الأمر إلى أبنائه وأحفاده فمواليهم إلى سنة 253ه، وهذه الدولة هي أولى الدول التي انفصلت عن بغداد في الجزيرة العربية، ولم يعد للخلفاء العباسيين ومن بعدهم من حكام العراق وغيره، سيطرة على اليمن منذ ذلك الحين؛ فقد قامت بعد الدولة الزيادية دول علوية الهوى زيدية المذهب، استمرت في السيطرة على اليمن إلى أيام الفتح العثماني. (1-3) الدولة الزيدية (250-355ه)
كان العلويون ينتهزون كل فرصة للقيام بحركات طلبا لحقهم في الخلافة؛ ففي أيام الفتنة بين «الأمين والمأمون»، قاموا يطالبون بحقوقهم، ويعلنونها ثورة على العباسيين، وكانت لهم حركات أخرى، منها حركة أبي السرايا السري بن منصور، الذي ثار بالكوفة ومعه ابن طباطبا سنة 199ه وهو محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن، وامتد نفوذه حتى بلغ واسطا والحجاز، ولولا موت ابن طباطبا، ثم موت أبي السرايا نفسه سنة 201ه، لكان لهذه الحركة العلوية شأن آخر. وفي أيام المعتصم ثار منهم محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي في الكوفة، وعظم أمره إلى الطالقان في خراسان، وهو يدعو إلى «الرضا من آل محمد» فاجتمع إليه خلق كثير، ووقعت بينه وبين عبد الله بن طاهر أمير خراسان وقعات، ثم أسر محمد، وسيق إلى المعتصم، فحبسه بسامراء سنة 219ه، ثم تمكن من الهرب ولم يعرف له خبر، ويعتقدون أنه حي غائبا، وأنه يعود ويملأ الأرض عدلا.
وفي أيام المتوكل، الذي كان يعلن عداءه لآل علي وشدة كراهيته لهم، وهدم قبر الحسين وما حوله، ثار يحيى بن عمر بن يحيى بن زيد بن علي بن الحسين، فتمكن المتوكل منه وحبسه في سجن المطبق ببغداد، ثم تمكن من الفرار، فتجمع حوله نفر كبير من الزيدية والأعراب، ولكنه لم يوفق إلى الوصول لهدفه وقضى على حركته سهل بن هارون. وفي أيام المستعين خرج ثانية وتمكن من الاستيلاء على الكوفة، وبلغت دعوته بغداد، فانضم إليه كثير من أهلها وقوي سلطانه إلى أن كانت سنة 250ه فخرج وبعث إليه الخليفة بالحسين بن إبراهيم المصعبي، والتقى جمعاهما ظاهر الكوفة، ودارت الدائرة على يحيى فقتل ومثل به، فلما بلغت أخباره الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن ثار بطبرستان واستولى على عاصمتها آمل، ثم على سارية وسائر بلاد طبرستان والديلم، واستطاع بما أوتي من قوة وعلم أن يؤسس دولة قوية دامت نحو قرن، تولى فيها الحسن بن زيد 250-270ه، ومحمد بن زيد القائم بالحق 270-278ه، وحكم فترة طويلة استطاع فيها أن يقوي نفسه، ويرتب بعوثه ودعاته لنشر دعوته الزيدية حتى تغلب السامانيون عليها، كما سنرى. وفي سنة 301ه تمكن الحسن الأطروش بن علي بن الحسين بن علي بن عمر بن زين العابدين أن يعيد سلطان الزيدية من جديد على بلاد طبرستان والديلم وظل إلى سنة 304ه، ثم خلفه الحسن بن القاسم بن علي بن عبد الرحمن، ومعه أولاد الأطروش من سنة 304 إلى سنة 355 وفي هذه السنة انتهى أمر الدولة الزيدية. (1-4) الدولة الصفارية (247-289ه)
كان الخوارج قد استقروا في سجستان وثبتوا أقدامهم فيها منذ زمن بعيد، ويظهر أنهم منذ أوائل القرن الثالث قد انقلبوا إلى عصابات تفتك بالناس، وتقطع السبيل، حتى لقي الأهلون منهم عناء كبيرا، فألفوا فرقا متطوعة للدفاع عن أنفسهم، ومحاربة هؤلاء الخوارج القساة، الذين لم تتمكن الدولة من إخضاعهم، وقد استطاع صالح بن النضر الكناني، أحد قادة هذه الفرق المتطوعة، أن يستولي على العاصمة، ويطرد عامل آل طاهر عنها، وكان بين أجناد صالح أخوان كانا يشتغلان في حداثتهما بعمل الصفر، وهما يعقوب بن الليث وأخوه عمرو بن الليث، وقد استطاع يعقوب بذكائه ودهائه أن يتقرب من صالح وتسمو مكانته بين الجند، لما كان له من بلاء حسن في قتال الخوارج وقطع دابر المفسدين. وحدث في سنة 247ه أن مات صالح، وتولى إمرة المتطوعة رجل ضعيف اسمه درهم بن الحسين، وكان درهم هذا لا يساوي شيئا ولا يصلح للإمرة، فرأى المتطوعة أن يعزلوه ويولوا يعقوب بن الليث مكانه، فلما أن تولى قيادتهم، وكان ذلك في 6 محرم سنة 247، أبلى أحسن البلاء في قتال الخوارج والشراة، واستولى على هراة وبوشنج وما إليهما سنة 253ه، ثم وجه همته إلى قتال أمراء الترك والديالم بتخوم سجستان فانتصر على كثير من ديارهم، وأذعن له أمراء الملتان وذابلستان والسند ومكران، وفي سنة 256ه استولى على كرمان، وكان الخليفة المعتز بالله قد أعطاها له، ولوالي فارس علي بن الحسين، وقد حاول علي أن يسبق يعقوب إلى احتلال كرمان، ولكن يعقوب سبقه فتغلب عليها وهزم جنده، وما زال يطارده حتى ألجأه إلى شيراز عاصمة إقليم فارس، وانتهز يعقوب مناسبة نصره هذا فبعث بحلائل الهدايا إلى الخليفة يؤكد له ولاءه، ويرجوه أن يوليه على بلاد فارس، وأن يعزل عنها علي بن الحسين، على أن يقرر عليه خمسة عشر ألف درهم، ثم شخص على أثر كتابته بذلك للخليفة متوجها إلى كرمان فاستولى عليها، ثم توجه إلى شيراز فحاصر الحسين بن علي واستولى عليها في جمادى الأولى سنة 255ه، وضم إقليم فارس إلى دولته فارتفع ذكره، وسما قدره، وفي سنة 259ه قصد نيسابور عاصمة آل طاهر فاستسلم له محمد بن طاهر، وهكذا انتهت الدولة الطاهرية، فانتهز يعقوب هذه الفرصة لإرسال وفد إلى الخليفة المعتمد في سامراء مع كتاب إلى الخليفة يذكر فيه ما تناهى إليه من حال أهل خراسان، وأن الخوارج والشراة المخالفين قد استولوا عليها، وأن محمد بن طاهر قد غلب على أمره، وأن أهل خراسان قد سألوه القدوم عليهم، وأنه سار إليهم وأقر نصاب العدل والأمن فيها؛ ولذلك جاء يطلب من الخليفة تأميره عليها، وكان المدبر لشئون الخلافة وقتئذ الموفق طلحة أبو أحمد، فقال لرئيس وفد يعقوب: إن الخليفة لا يقر يعقوب على ما فعل، وأنه يأمره بالانصراف إلى عمله الذي ولاه إياه - وهو إقليم فارس فقط - فلما بلغت هذه الرسالة يعقوب لم يأبه لها، واستمر في عمله وتوطيد سلطانه في إقليم فارس وخراسان كلها. وفي سنة 260ه سار يعقوب بجنده إلى طبرستان جنوبي بحر قزوين يريد طرد الحسن بن زيد منها، فافتتح مدينتي ساري وآمل، وهرب الحسن أمامه فلحقه إلى جبال طبرستان، ولكن قسوة الإقليم وبرده الشديد منعاه من الاستمرار في وقوفه أمام يعقوب، فرجع إلى خراسان، ولكنه فوجئ بعمل أزعجه، وهو أن رجال الخلافة، وعلى رأسهم الموفق طلحة في سامراء، أصبحوا يتخوفون من حركة يعقوب ونفوذه، فأمر الموفق عبيد الله بن طاهر أن يجمع في بغداد حجاج خراسان والري وطبرستان وجرجان، ويقرأ عليهم كتابا للخليفة، يذكر فيه أنه لم يول يعقوب على ما استولى عليه ظلما، ويأمرهم بالبراءة منه والثورة عليه، ولما بلغت هذه الأخبار يعقوب لم يأبه لها، أول الأمر، ثم خاف على نفسه، فأخذ يعمل على تقوية جيشه استعدادا للطوارئ، وبلغ ذلك الخليفة، فاضطر أن يعترف بالأمر الواقع، ويبعث إلى يعقوب بتوليه خراسان وما إليها من بلاد المشرق، ولكن يعقوب كان قد غضب مما عومل به سابقا، فعزم على الثورة، وأنه لا بد له من الاستيلاء على العراق أيضا، وعلى بغداد نفسها، ولم يتأخر عن تنفيذ عزمه، فجمع جيوشه واتجه نحو العراق، فلما رأى الخليفة المعتمد ذلك، خرج إليه بنفسه وعليه بردة الرسول وفي يده القضيب، والتقى الجيشان بالقرب من دير العاقول، وكانت الغلبة أول الأمر لجيش يعقوب، ثم تغلب الجيش العباسي، واستطاع محمد بن طاهر أن ينجو من أسر يعقوب فأحضره الخليفة مجلسه وخلع عليه، وثبته في ولايته، وقرئ على الناس في يوم 11 رجب سنة 262ه كتاب من أمير المؤمنين فيه مثالب يعقوب، وخبر مشاققته لله ورسوله وخليفته وعزله.
أما يعقوب فقد قفل منهزما إلى خراسان وأخذ يرتب أموره ويقوي جنده، وجرت له وقائع مع رجال صاحب الزنج إلى أن مات في 15 شوال سنة 265ه بالأهواز بعد أن ثبت أركان مملكته في خراسان وجنوبي إيران. ومهما يكن من أمر فإن يعقوب، كان عصاميا تطلع إلى معالي الأمور فبلغها، ولكن منشأه الدنيء، وتفكيره الساذج، وعدم معرفته بالسياسة لم تمكنه من توسيع دولته؛ فقد كان جنديا قويا بارعا، وحسب، ولو أنه جمع إلى القوة عقلا وحزما لاستطاع أن يصل بدولته إلى منزلة سامية.
ولما هلك يعقوب بايع الجند أخاه عمرا (265-287) لما كان عليه من القوة فكان أول عمل عمله أن طلب رضاء الخليفة والاعتذار إليه عما قام به أخوه، فرضي عنه الخليفة وولاه على خراسان وفارس وأصفهان وسجستان وكرمان والسند، وسماه حاكما عسكريا لبغداد، وسامراء، تشريفا له، ولكن ما عتمت الأمور أن فسدت بينه وبين بغداد من جديد، حينما أراد طلحة الموفق منه أن يتنازل عن خراسان سنة 272، فرفض وأعلن عصيانه، فجمع الموفق بأمر المعتمد حجاج خراسان وقرأ عليهم كتابا من الخليفة بإقالة عمرو، وبلغه على المنابر، وجهز الموفق طلحة جيشا فتح به بلاد فارس وهزم عمرا، ولكن عمرا استطاع أن يسترد ولايته بحد حسامه، وظل إلى أن توفي المعتمد.
ولما تولى المعتضد في سنة 279 أقر عمرا في ولايته، واستقرت بلاد المشرق لعمرو فطمع في بلاد ما وراء النهر، وطلب من الخليفة أن يوليه إياها، فكانت تلك الولاية سبب القضاء عليه. روى الطبري أن عمرا طلب إلى الخليفة أن يوليه ما وراء النهر، فولاه ذلك، وقرئ في بغداد كتاب من الخليفة بعزل إسماعيل بن أحمد الساماني عن ما وراء النهر وتولية عمرو مكانه، وأرسل رسولا إلى عمرو في نيسابور يحمل إليه الخلع والعهد، فلما وضع العهد بين يدي عمرو قال: ما هذا؟ فقال الرسول: هذا الذي سألت. فقال عمرو: وما أصنع به؟ فإن إسماعيل بن أحمد لا يسلم إلي ذلك إلا بمائة ألف سيف! فقال الرسول: أنت سألته، فشمر الآن لتتولى العمل في ناحيته. وفي ربيع سنة 287ه حطم السامانيون جند عمرو قرب مدينة بلخ، ووقع عمرو أسيرا، ثم أرسله السامانيون إلى بغداد فقتل، وبذلك انتهى عهد هذه الأسرة العسكرية التي حكمت، وهي لا تستند على شيء سوى السيف والقوة، على أن عمرا كان خيرا من أخيه؛ فقد وصفوه بأنه كان على جانب من الدهاء والإدارة، ورووا أنه كان شديد الاهتمام بضبط موارد دولته، وأنه كانت له ثلاثة بيوت للمال؛ أولها بيت المال الوارد من الخراج والضرائب الأخرى، ومنه كان ينفق على الجيش، وثانيها بيت المال الوارد من الضياع والأملاك الخاصة، ومنه تصرف نفقات البلاطات والحاشية، وثالثهما بيت المال الوارد من المكوس والصادرات، ومنه كانت تصرف المنح والهدايا. ورووا عنه أيضا أنه كان عادلا في حكومته، عاملا على المساواة بين رعيته.
وصفوة القول أن هذه الدولة التي ظلت قرابة نصف قرن كانت دولة قوية لم يحاول أمراؤها قطع كل الصلات بالخليفة، وإن كانوا قد استمتعوا باستقلال مملكتهم، وتلقبوا بألقاب الملك، وخطب لهم على المنابر مقرونا اسمهم مع اسم الخليفة، وسكت الدراهم والدنانير باسمهم، ولولا فترات الجفاء التي وقعت بين يعقوب وأخيه، وبين رجالات العاصمة بغداد، لكانت هذه الدولة على أحسن حال. (1-5) الدولة السامانية (261-389ه/874-999م)
كان سامان خداه جد هذه الأسرة، أميرا ينتسب إلى بهرام جور، صاحب كسرى هرمز، أسلم على يد أسد بن عبد الله القسري الأمير الأموي ووالي بلخ، واتصل به وسمى ابنه الأكبر باسمه، وكان لأسد بن سامان أربعة بنين وهم: نوح وأحمد ويحيى وإلياس، وقد ارتفعت أقدارهم في دولة المأمون، فولاهم والي خراسان غسان بن عباد تلبية لأمر الخليفة على بعض المقاطعات، فكان نوح أميرا على سمرقند، وأحمد أميرا على الشاش وأسروشنة، وإلياس أميرا على هراة. وعمر أحمد أكثر من إخوته فصار إليه حكم سمرقند وهراة والشاش وأسروشنة إضافة إلى بلاد فرغانة، وأخذ سلطانه يتسع حتى امتد إلى بلاد الصفد. وفي 261ه/864م مات أحمد فخلفه ابنه نصر وهو أول من حكم استقلالا من رجال هذه الدولة، وكان مقره في سمرقند، واضطر الخليفة المعتمد أن يبعث إليه تقليدا بولايته على كافة بلاد ما وراء النهر.
Bilinmeyen sayfa