عليه سلاحًا، أو يجمع عليه أعوانًا لأن ذلك تحريكًا للفتن، وتهييجًا للشر، وإذهابًا لهيبة السلطان من قلوب الرعية، وربما أدى إلى تجريهم على الخروج عليه وتخريب البلاد، وغير ذلك مما لا يخفى.
وأما الإنكار على السلطان بالسب وتخشين الكلام، كقولك: يا ظالم يا جائر يا فاسق يا من لا يخاف الله، ونخو هذا / الكلام فينظر إن علم أن شر ذلك يتعدى إلى غير القائل لم يجز له الإقدام عليه كما في غير السلطان، وإن كان لا يخاف إلا على نفسه، كان ذاك جائزًا بل مندوبًا إليه لأن فيخ تحريضًا للشهادة.
كما جاء في الأحاديث المتقدمة "إن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله، وإن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر".
وقال الإمام أبو بكر ابن العربي المالكي في "أحكام القرآن": من رأى منكرًا يرجو زواله، وخاف على نفسه من تغييره الضرب والقتل جاز له الاقتحام عند أكثر العلماء عند هذا الغرر وإن لم يرج زواله فأي فائدة فيه.
قال: والذي عندي أن النية إذا حصلت فليقتحم كيفما كان ولا يبالي، انتهى.
وقد كان من عادة السلف التعرض للأخطار، والتصريح بالإنكار من غير مبالاة بهلاك المنهج ولا ذهاب الأموال، متعرضين بذلك لأنواع المحن والعذاب، موطنين أنفسهم على الهلاك، ومحتملين ما نالهم من المصائب، صابرين عليه في ذات الله تعالى، ومحتسبين له عند الله.
قال الله تعالى حكاية عن وصية لقمان الحكيم لابنه ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ [لقمان: ١٧].
1 / 60