٦ - فصل
فإن لم يزل ذلك المنكر إلا بأعوان يشهرون السلاح، وربما يستمد الفاسق أيضًا بأعوان وسلاح، ويؤدي ذلك إلى المقاتلة ففي اشترط استئذان الإمام في هذه الدرجة خلاف.
فذهب جماعة إلى أن ذلك إذا أدى إلى نصب قتال وشهر سلاح فلا بد من إذن السلطان، منهم إمام الحرمين في الغياث والقاض عياض في شرح مسلم والرافعي والنووي وغيرهم.
وذهب آخرون إلى أن ذلك لا يحتاج إلى إذن وهو الأقيس عند الغزالي وعلله بأن قال: إذا جاز للآحاد الأمر بالمعروف وأوائل درجاته يجر إلى ثوان وقد ينتهي لا محالة إلى التضارب، والتضارب يدعو إلى التعاون، فلا ينبغي أن يبالي بلوازم الأمر بالمعروف، ومنتهاه تجنيد الجنود في رضي الله ودفع معاصيه. ونحن نجوز للآحاد من الرعية الغزاة أن يجتمعوا ويقاتلوا من أرادوا من فوق الكفار قمعًا لأهل الكفار، فكذلك قمع أهل الفساد جائز، لأن الكفار لا بأس بقتله والمسلم إذا قتل فهو شهيد، فكذلك الفاسق المناضل عن فسقه لا بأس بقتله. والمنكر المحق إن قتل مظلومًا فهو شهيد، وعلى الجملة فانتهاء الأمر إلى هذا من النوادر فلا يغير به قانون القياس، بل يقال كل من قدر على دفع منكر فله أن يدفع ذلك بيده وسلاحه وبنفسه وأعوانه، والمسألة إذا محتملة كما ذكرنا، انتهى.
تنبيه:
هذا الذي ذكرناه في هذا الفصل والذي قبله إنما هو فيما إذا كان المنكر على غير السلطان فإذا كان السلطان فليس لأحد منعه بالقهر باليد، ولا أن يشهر
1 / 59