الرتبة من الاسترسال في الضرب بعد زوال المنكر فإن ذلك لا يجوز لآحاد الرعية.
قال الغزالي: فإن احتاج إلى شهر سلاح وكان يقدر على رفع المنكر بشهر السلاح فله أن يتعاطى ذلك، كما لو قبض فاسق على امرأة مثلًا، أو كان يضرب بمزمار معه وكان بينه وبين المنكر عليه نهر جار، أو جدار مانع فيأخذ قوسه ويقول: خل عنها أو لأرمينك فإن لم يخل عنها فله أن يرميه، وينبغي ألا يقصد المقاتل بل الساق والفخذ وما اشبهه، ويراعي فيه التدريج، وكذلك سل السيف ويقول: اترك هذا المنكر أو لأضربنك، فكل ذلك رفع للمنكر، ورفعه واجب بكل ممكن ولا فرق في ذلك بين ما يتعلق بخاص حق الله تعالى، وبين ما يتعلق بالآدميين، انتهى.
وقال الرافعي: من أقدم على محرم من شرب خمر أو غيره هل لآحاد الناس منعه بما يجرح ويأتي على النفس؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم. نهيًا عن المنكر ومنعًا عن المعصية.
والثاني: لا. خوف من الفتن التي تتولد منه.
ونسب الإمام هذا الثاني إلى الأصوليين، والأول إلى الفقهاء، وهو الذي يوجد للأصحاب في كتب المذهب حتى قال الغوراني وصاحب التهذيب والقاضي الروياني وغيرهم: من علم بخمر في بيت رجل أو طنبور، وعلم بشربه أو ضربه فله أن يهجم على صاحب البيت ويريق الخمر ويفصل الطنبور، ويمنع أهل الدار من الشرب والضرب، وإن لم ينتهوا فله أن يقاتله، وإن أتى القتال عليهم وهو مثاب على ذلك.
وفي تعليقة إبراهيم المروزي "أن من رأى مكبًا على معصية من زنا أو شرب خمر أو رآه / يشرخ رأس شاة، أو عبد فله دفعه، وإن أتى الدفع على نفسه، انتهى.
1 / 58