والثاني: قدر تفصل إلى حد لو فرض اتخاذ آلة محرمة من مفصلها لنال الصانع التعب الذي يناله في ابتداء الاتخاذ، وهذا بأن يبطل تأليف الأجزاء كلها حتى تعود كما كانت قبل التأليف، وهذا أقرب إلى كلام الشافعي وجماهير الأصحاب.
هذا كلام النوويّ في الروضة، وجزم الغزاليّ في الإحياء بهذا الوجه ولم يذكر غيره. وعلى هذا لو جاوز الحد المشروع في الكسر لزمه التفاوت بين قيمتها مكسورة بالحد المشروع، وبين قيمتها منتهية إلى الحد الذي أتي به.
وهذا الذي ذكرناه إنما هو فيما إذا تمكن المنكر من كسرها على الحد المشروع، وأما إذا لم يتمكن لمدافعة من هي في يده، أو عدم آلة يفصلها بها، أو خوف آت بينه وبين ذلك فله أن يكسرها كيفما اتفق ولا ضمان عليه قطعًا.
قال الغزالي في البسيط: وأجمعوا على أنه لا يجوز له إحراقها لأن رضاضها متمول، انتهى.
/ قلت: فإن دافعه كما تقدم ولم يجد سبيلًا إلى إزالة ذلك المكان إلا بإلقائها في النار أو البحر ونحو ذلك فله ذلك، والله أعلم.
مسألة:
الخمر إذا لم تكن محترمة فإنها تراق على المسلم وعلى الذمي أيضًا إذا أظهرها، أو أظهر شراءها أو بيعها أو هبتها ولو لذمي مثله، وكذلك الخنزير ولو غصب مسلم خمر الذمي ولم يظهره وجب ردها إليه، فإن أراقها المسلم فلا شيء عليه.
٥ - فصل
فإن لم يتمكن من إزالة المنكر إلا بضرب المنكر عليه فليضربه بيده ورجله ونحو ذلك، وليحذر ما يفعله كثير من الناس إذا وصل في الإنكار إلى هذه
1 / 57