ويدل على ما ذهب إليه ما رواه الترمذي عن أبي طلحة ﵁ قال يا نبي الله اشتريت خمرًا لأيتام في حجري قال النبي ﷺ «أهرق الخمر واكسر الدنان».
وإنما جاز ذلك للحاكم دون غيره لأن الرجز عما يستقبل، والعقوبة على ما مضى ليس لآحاد الرعية، وإنما هو / للوالي، وأما آحاد الرعية فليس لهم إلا الدفع في الحال لا غير.
فإن قلت: هل له أن يكسر آلات اللهو كالبرابط والطنبور والعود ونحو ذلك، والصنم والصليب إذا أظهرهما النصراني، وأواني الخمر حيث جاز له كسرها كسر لا ينتفع بها بعده أم لا؟ وهل له أن يحرق ذلك ويلقيه في البحر ونحو ذلك؟
قلت: أما أواني الخمر حيث أبيح له كسرها للتوصل إلى إراقة ما فيها، فإذا كسرت في أول ضربة كسرًا يحصل به المقصود من إراقة ما فيها فليس له أن يرضها بعد ذلك ولا أن يلقيها في البحر، فإن دافعه صاحبُها ومنعه من كسرها فله كسرها كيف ما قدر لإراقة ما فيها، ولو أن يلقي عليها حجرًا فيرضها أو يدفعها برجله في البحر ونحو ذلك.
وأما غير ذلك مما ذكرناه من آلات وغيرها فقال الرافعي والنووي وغيرهما في حد الكسر المشروع وجهان:
أحدهما: أنها تكسر وترضض حتى تنتهي إلى حد لا يمكن اتخاذ آلة محرمة منه لا الأولى ولا غيرها.
وأصحهما ألا تكسر الكسر الفاحش لكن تفصل وفي حد التفصيل وجهان:
أحدهما: قدر لا تصلح معه الاستعمال المحرم حتى إذا رفع وجه الربط وبقي عليه صورة فظيعة كفى.
1 / 56