والاحتكام ونفاذ الكلام، فمثل هذا ينبغي أن يمسك من الكلام الغيظ إلى أن يتحقق من نفسه الإخلاص.
اعتبار آخر: وهو أن ينظر لو رجع في أثناء الكلام الغليظ عن ذلك المنكر، هل كان يسكن غضبه ويمسك عن الكلام؟ فإن علم أنه يسكن غضبه، ويمسك عن الكلام متى زال المنكر، علمنا أنه مخلص، وأنه ما كان قصده إلا زوال المنكر، وقد زال فلم يبق للكلام الغليظ فائدة، وإن علم أنه لا يسكن غضبه، ويتم يسترسل في الكلام علمنا أن الحامل له على ذلك باعث نفساني، وغضب كمين لغير الله تعالى، بل مقابلة على الإساءة فيمسك عن الكلام، والله أعلم.
اعتبار آخر: وهو أن يقدر أن المنكر عليه استهزأ به، وسبه وشتمه، وأنه هم باغلاظ الكلام له وتخشينه عليه فجاء إنسان، فقام مقامه في ذلك وأغلظ له القول فرجع إليه، وزال ذلك المنكر هل كان ذلك يسره أم لا؟
فإن كان ذلك يسره ويفرح به، ويرى لله تعالى المنة عليه فيه إذا صان لسانه عن الكلام السيء، وإيحاش قلب أخيه المسلم مع حصول المقصور من زوال المنكر، وأنه حصل له ثواب بينته، وأجر ما أصيب به في عرضه فهذا مخلص.
وإن كان لا يرده عن الشرع في السب والتغليظ وجود غيره ويثقل عليه كون المنكر زال بكلام غيره من غير سب واستهزاء، ولم يزل بكلامه مع ما حصل له من السب والاستهزاء فهو غير مخلص، والله أعلم.
٤ - فصل
هذا الذي ذكرناه في الفصلين المتقدمين هو فيما لا يمكن تغييره باليد كالغيبة، والنميمة، وأكل المكس، والحرام ونحو ذلك، فإن كان مما يغير باليد / بادر
1 / 54