ي
من أن أقتبس من معجم بوسيير أكثر مما اقتبست، حتى لو أني كنت قد اطلعت عليه في الوقت المناسب، ومع ذلك فهو كما هو الآن قد يظهر بعض الظهور بهذا المظهر، وقد أردته أن يكون معجما للغة القرون الوسطى. ويرجع ذلك إلى سببين اثنين: أولا - أني لم استطع أن أحذف شيئا من خلاصات نصوص الكتب التي قرأتها كلها لكي أوفر على من يأتي التعب والسأم في سبيل العثور عليها. وثانيا: إنه ليس من المستطاع، والعلم في حالته الراهنة، أن يميز المرء تمييزا دقيقا بين ألفاظ القرون الوسطى وبين ألفاظ عصرنا الحاضر، في أغلب الأحيان على الأقل. فكثيرا ما أدهشني أن أعثر عند مصنف من مصنفي القرون الوسطى على كلمة أو معنى كنت أظن حتى ذلك الحين إنها من الكلمات الحديثة أو المعاني الحديثة. أن تقدم دراسة مفردات اللغة سينير سبيل ذلك أمام الدارسين شيئا فشيئا، وعندئذ يجب أن يحذف من معجمي هذا كل ما لا فائدة فيه. وقد خشيت أن يتضخم معجمي تضخما لا طائل فيه فأهملت ذكر أشياء ليست في الحقيقة من القرون الوسطى، فقد أهملت مثلا ذكر أسماء الأشياء التي لم نعرفها إلا بعد كشف أمريكا، وأسماء الأسلحة النارية، وأسماء النقود الحديثة، وكثيرا من الكلمات الأسبانية التي شاعت في لهجة مراكش، وهي التي أشار إليها سيمونه معتمدا على ما ذكر دى لاتور، وعلى ما جاء في رسائل ليرشني، كما أهملت بعض الكلمات الإغريقية، والفارسية، والتركية، والايطالية، والفرنسية، وهي التي ذكرها صاحب محيط المحيط، إذ أن المرء لا يبحث في معجم مثل معجمي هذا عن صورة الكتابة العربية لكلمات مثل: protestation، piano، jambon، télscope، télégraphe، thermométre، pudding، général، galoche، وغير ذلك. وقد أهملت أيضا كثيرا من الكلمات التي ذكرها وتزشتاين وقال إنها من لغة بدو الشام، وكذلك الكلمات التي توجد في مختلف المجموعات المطبوعة في الجزائر عن لهجات أهلها، لقد أهملت كل هذا لأنني واثق من أن مثل هذه الكلمات ليست موجودة في مصنفات القرون الوسطى.
ولابد أن أشير أيضا إلى أنني لا أتحمل تبعة كل ما اقتبسته من معجمات اللغة الحديثة، وأنني حين أجد أنها قد أهملت ضبط بعض الكلمات بالشكل فإنني لا أضبطها بالشكل إلا حين أرى إن في استطاعتي ذلك دون أن أخطئ في ضبطها.
إن الرحالة الأوربيين الذين طوفوا في أرجاء آسيا وأفريقية، في أزمنة مختلفة، قد زودوني بكثير من المعلومات المفيدة. وقد قرأت عددا غير قليل من كتبهم، كما يشهد بذلك فهرست المؤلفين الذي ألحقته بهذه المقدمة، ونقبت عما فيها من ألفاظ، غير أن كتابتهم للألفاظ حسب ما يشاء لهم الهوى كثيرا ما أربكتني بحيث أني أهملت الكثير مما ذكروه، غير أني قد قيدت ما أهملته منها في كراسة أودعتها في المكتبة عسى أن ينتفع بها آخرون، ويبدو لي مع ذلك أن بعضا منها حري أن يكون من لغات أخرى.
لقد أدخلت في معجمي هذا أكثر التعليقات اللغوية ومجموعات المفردات التي أضافها العلماء
1 / 24