مكتبة الاسكوريال ومعها المخطوطة الأصلية كاملة، ويقول سيمونيه الذي فحص هذه النسخة أن باتريسيو دي لاتور قد كتب الكلمات بحروف عربية، غير إنه قد غير في معجم الكالا تغييرا كبيرا وحذف منه كثيرا من الكلمات، ونقول، استنادا إلى الخلاصات التي تفضل سيمونه الأستاذ بغرناطة فأرسلها إلي منه، أن دى لاتور قد كتب كثيرا من الكلمات المشكوك فيها، وليس كلها، كتابة صحيحة، ولابد لي من أن أصارح القارئ إنه حين يتصل الأمر بلهجة غرناطة سنة ١٥٠٠ للميلاد وهي تبتعد كثيرا عن لهجة مراكش الحديثة التي يتقنها دي لاتور اتقانا لا مراء فيه، فإني لا أثق فيما يقوله ثقة كبيرة.
ولابد أن أشير أيضا إلى أني حين أنقل من معجم مخطوطة ليدن ومن معجم الأب دى الكالا فإنني أكتب الكلمات اللاتينية والكلمات الأسبانية اللاتي تذكر في مقابل الكلمات العربية، أكتبها كما جاءت فيهما ولا أغير فيها شيئا، ذلك لكي يستطيع القاري أن يجدها فيهما، أما حين يتصل الأمر بمعجم فلورنسا فلم يكن هذا ضروريا، لأن القسم الأول منه يقوم مقام الفهرس للكلمات.
ومعجم آخر يختلف في طبيعته عما ذكرت أفدت منه أيضا، وهو المعجم الذي طبعه بطرس البستاني في بيروت سنة ١٨٧٠ باسم محيط المحيط، إنه مجموع جيد ألفه اعتمادا على بعض المعاجم القديمة، وأضاف إليه عددا كبيرا من الكلمات المولدة والمعاني الجديدة، كما أضاف إليه عدا من اللهجة السورية (من كلام العامة)، لقد قبلت هذه الكلمات في معجمي، غير أني وجدتني مضطرا إلى أن أرفض قبول أكثر الكلمات التي تتصل بالعلوم الإسلامية القديمة التي أورد المؤلف عددا كبيرا منها، وذلك أولا: لأن تعريفاتها ليست دائما من الوضوح بحيث يمكن فهمها دون الرجوع إلى كتب عربية أخرى شرحت فيها هذه الكلمات شرحا وافيا. وثانيا: لان هذه الكلمات غامضة حين لا يحسن المرء العلم الذي تعود إليه، وإنني أعترف أخيرا كما اعترف فريتاج، إن معرفتي بهذه العلوم ضئيلة، وأوافقه على أن حياة الإنسان لا تكفي ليفقهها ويتبحر فيها في نفس الوقت الذي يريد أن يفقه فيه اللغة العربية، فلا يتطلب مني ولا ممن هو مثلي من المنصرفين إلى التاريخ أن يعرف هذه العلوم، فضلا عن أني أخشى أن أفقد عقلي لو أني استغرقت في دراسة بعض أصناف هذه الكلمات كمصطلحات الصوفية الغامضة مثلا، إنه عمل أتركه راضي النفس إلى آخرين.
ولابد من الحكمة والحذر حين مراجعة محيط المحيط، فان المصنف يذكر في الغالب أفعالا بصيغة الماضي حين لا يذكر الجوهري ولا الفيروزآبادي منها إلا المصدر أو اسم الفاعل أو اسم المفعول، وربما كان ذلك لأنها الصيغ الوحيدة المستعملة منها. وهذا مثال لا يجدر أن يحذى حذوه، ثم إنه أكثر النقل من فريتاج الذي لم يبدأ بذكره، إن لم تخني الذاكرة، إلا
1 / 22