إن الصعوبة الكبرى للإفادة من هذا المعجم تكمن في أن معاني الكلمات المشتقة من صيغ الأفعال، وهي مذكورة فيه، لم تشرح ولم تفسر في مختلف المواد، فضلا عن أن الكلمات القطلونية المذكورة في حاشية كل صحيفة تحتاج في الغالب إلى تصحيح، وقد اكتفي حين أكون في ريب من الأمر، ولكيلا أورط القراء المستعربين في الخطأ، أن أشير إلى أن هذه الصيغة توجد في المادة الفلانية.
والمعجم الثالث هو المعجم الذي صنفه الأب بدرو دي ألكالا في غرناطة وطبعه فيها سنة ١٥٠٥م بأمر من فرديناند دي تالافيرا أول أسقف في غرناطة، وكان يريد به تيسير ردة المسلمين إلى النصرانية بعد أن تم الاستيلاء على مدينتهم غرناطة، وهذا المعجم، من غير ريب، أغنى هذه المعاجم، غير أن قراءته قد أرهقتني وتطلبت مني وقتا طويلا. وكانت العقبات التي كان علي أن أذللها كثيرة العدد والضروب، فقد قدم المصنف قبل كل شيء الأسبانية على العربية، ولم يكن من اليسير أن أقلب أو أعكس، إذا صح هذا التعبير وضع كل هذا المعجم، ثم أن كثيرا من الألفاظ الأسبانية المذكورة فيه قد أدركها الهرم فلم تعد تستعمل أو أنها غيرت معانيها، ثم إن المصنف يقول في إهدائه الكتاب إلى الأسقف إنه قد اعتمد فيما يتصل بالكلمات القسطلونية على المعجم الأسباني - اللاتيني تأليف انطونيو دى نبريجا (اولبريكسا كما يكتبها)، فكان علي أن أرجع إلى هذا المعجم قبل كل شيء، وقد رجعت إليه دوما وتبنيت المعاني التي يذكرها، وهي تختلف في غالبها عن المعاني التي تذكرها المعاجم الحديثة. وقد أفادني في ذلك المعجم الأسباني - الفرنسي - الإيطالي القديم لمصنفه جروم فيكتور (جنيف ١٦٠٩، كولونيا ١٦٣٧) فائدة كبيرة. غير أن الأب دى ألكالا قد أضاف، كما يقول، كلمات ليست موجودة في معجم نبريجا، وهذا الكلمات وهي كثيرة كثرة لا يتوقعها أحد، قد يحار أمام بعضها المرء، فمنها كلمات لم تعد معروفة في أسبانيا حتى في غرناطة نفسها. وعقبة أخرى تصادفك فيه هي أن الكلمات العربية قد طبعت فيه بالحروف القسطلانية وليست بالحروف العربية المعروفة، وأن بعض الحروف ذات المخرج الواحد قد كتبت بصورة واحدة. وأخيرا فان عددا من الكلمات فيه كانت أمامي أشبه بالألغاز والأحاجي، حتى استطعت أن أجد أغلبها بعد سنوات عدة في معجم آخر أو كتاب لمؤلف آخر، ولذلك فإن ثبت (قائمة) الكلمات المشكوك فيها وكان ثبتا طويلا قد تقلص شيئا بعد شيء، ومع ذلك فقد بقي منها أكثر مما توقعته، وسأذكر هذه الكلمات في الملحق، عسى أن يستطيع بعض الناس في يوم ما تفسيرها أو تصحيح ما في بعضها من أخطاء في الطباعة، فإن مثل هذه الاخطاء، على قلتها نسبيا، يقع عليها المرء حينا بعد حين في معجم الأب بدرو دى ألكالا.
لقد أعاد طبع هذا المعجم الأب باتريسيو دي لاتور، حين أصبح نادر الوجود غالي الثمن، وقد عاش هذا الأب فترة طويلة في مراكش، وترهب في دير الاسكوريال سنة ١٨٠٥ للميلاد، وتم طبع المعجم في ذلك الحين تقريبا، غير أن كل نسخة قد تلفت في حرب نابليون الأول، ولم يبق منها إلا نسخة واحدة تصل في كلماتها إلى كلمة (ofrecimiento)، وهي لا تزال محفوظة في
1 / 21