الأشخاص الذين ربما كان لكل واحد منهم فهم خاص ورأي مختلف؟ ألا يكون مثل هذا المصنف العالي، في نهاية المطاف، مجموعة مختلطة مشوشة، وكومة من المواد مشوهة، بدل أن يكون معجما لغويا حسن الترتيب جيد التنسيق؟ إنني أخشى هذا، وأرى على كل حال أن الزمن لم يحن بعد للشروع في مثل هذا العمل.
ومع ذلك فإن كثيرا من التعليقات والشروح والحواشي قد تهيأت منذ أكثر من قرن من غير أن تؤلف وتنشر، فقد كان لابد لكل مستشرق مستغرب أن يكمل معجمه بتعليقاته وحواشيه التي يتوصل إليها لاستعماله الشخصي، وفي مكتبتنا كثير من المعاجم فيها مثل هذه التعليقات والحواشي وفي طليعتها معجم جوليوس لمالكه جان جاك شلتنز وهو ابن اليوت شلتنز، الذي درس علم اللاهوت واللغات الشرقية في جامعتنا من سنة ١٨٤٩ حتى سنة ١٧٧٨ سنة وفاته. وقد منعته مشاغله الكثر من القيام بأعباء وظائفه الثلاث ولاسيما النزاعات المذهبية المؤسفة التي سادت عصره فشارك فيها مشاركة ذات أثر، من أن ينشر شيئا من البحوث في الدراسات الأدبية، غير إنه على رغم هذا كان أعلم أهل زمانه في هذا الفرع من الدراسات، ولا يمكن أن يقارن به إلا رايسك وحده. وقد قرأ من الكتب العربية، وقلمه بيده يعلق ويشرح، أكثر مما قرأ أبوه واضع أسس الدراسات الشرقية، وأكثر مما قرأ ابنه هنري - اليوت الذي خلفه في كرسي الأستاذية فشغله بجدارة وامتياز. ومما يؤسف له أن التعليقات والشروح الكثيرة التي كان يكتبها يوما بعد يوم على هامش معجم جوليوس هي من التشويش والفوضى بحيث يصعب أن تجد طريقك فيها، ولا ريب إنها لم تكن كذلك لشولتنز الذي كتبها دائما وإنما هي كذلك لنا، ومما يدعو إلى الأسى أن شولتنز لم يرتبها ولم ينشرها، ولو إنه فعل لساعدت في أيامه على تقدم فقه اللغة العربية ومعرفة مفرداتها، فقد يجد المرء فيها أحيانا شرحا وتفسيرا لكثير من معضلات اللغة التي توقف أمامها بعد ذلك كبار المستشرقين حائرين مثل سلفستر دي ساسي.
وهناك مجموعة أخرى من الحواشي والتعليقات أكبر من الأولى، وهي التي جمعها العالم الجليل كاترمير، ليستفيد منها في وضع معجم في اللغات الشرقية الثلاثة العربية - الفارسية - التركية الذي أراد نشره في أثناء سنة ١٨٣٨ ولكنه لم ينشر حتى الآن، وقصاصات هذا المعجم موجودة الآن في مكتبة ميونيخ، وكل الذين قرءوا كتب هذا العالم واثقون سلفا من أن ما في
1 / 16