هذه القصاصات من الشروح والتعليقات لا مثيل له في الثراء والعمق، فان أحدا غيره لم يقرأ من كتب المصنفين المشارقة لجمع المفردات اللغوية ما قرأه هو، وهي تحتوي على كثير من الألفاظ الكهنوتية من أصول إغريقية وقبطية، وهي وإن كانت أسهل تناولا من تعليقات وحواشي شولتنز، لأن كل قصاصة لا تحتوي إلا على شاهد واحد، فإنها مع الأسف لم تصنف ولم ترتب، وغالبا ما تكون الألفاظ قد قيدت غير إنها لم تشرح ولم تفسر. وكثير منها لابد من مقارنة نصوصها بنصوص المخطوطات التي نقلت منها، وهي مخطوطات في المكتبة الوطنية بباريس، وهذا يعني أن تنسيق هذه التعليقات والحواشي، إذا أراد أن يقوم به أحد، لا يمكن القيام به إلا في باريس.
أليس مما يؤسف له أن تعليقات مثل هؤلاء العلماء وغيرهم ممن لم نذكرهم وحواشيهم، وهي ثمرة جهود طويلة وقراءات كثيرة قد ذهبت من العلم ضياعا، وهذا مصير كل الحواشي والتعليقات التي لا يقوم كاتبوها بترتيبها وتحريرها بأنفسهم، فإن غيرهم لا يستطيع أن يعمل ذلك، وإن استطاعه فقد لا يحسن عمله. إذ أن ترتيب تحرير تعليقات وحواشي الآخرين عمل لا يستريح إليه أحد وغالبا ما يكون مستحيلا.
وقد دفعتني هذه الاعتبارات بل جرأتني فرأيت أنني قد أخرج مصنفا مفيدا إذا ما رتبت تعليقاتي اللغوية ونسقتها ونشرتها، وهي تعليقات جمعتها أثناء قراءاتي طوال أكثر من ثلاثين سنة، وعلى الرغم من ثقتي بأنني لن أوفق في تصنيف معجم يتسم بالكمال، فقد قمت بتصنيف هذا المعجم، وإنني في كثير من المواضيع التي وجدت أن من الأفضل التوسع فيها، قد تركت ذلك حين رأيت أن فريتاج أو أن لين قد أحسنا شرحها، إلا فيما ندر، محاولا أن أكمل ما جاء فيهما مستمدا من مصادر عديدة قد أشرت إليها.
وأذكر قبل كل شيء ثلاثة معاجم ألفت في أسبانيا في القرون الوسطى: أقدمها المعجم اللاتيني - العربي الذي تتضمنه مخطوطة ليدن رقم ٢٣١، وقد رمزت إليه بحرف ل. وقد تملكه سكاليجر الذي تسلمه من غليوم بوستل، وقد أفاد منه كتابه:
1 / 17