[47] ولعل ابن سينا انما قصد به اقناع الجمهور فيما اعتادوا سماعه من أمر النفس لكنه قول قليل الاقناع فانه لو وجدت أشياء بالفعل لا نهاية لها لكان الجزء مثل الكل اعنى اذا قسم ما لا نهاية له على جزئين . مثال ذلك انه لو وجد خط او عدد لا نهاية له بالفعل من طرفيه ثم قسم بقسمين لكان كل واحد من قسميه لا نهاية له بالفعل والكل لا نهاية له بالفعل فكان يكون الكل والجزء لا نهاية لكل واحد منهما بالفعل وذلك مستحيل وهذا كله انما يلزم اذا وضع ما لا نهاية له بالفعل لا بالقوة
[48] قال ابو حامد فان قيل فالصحيح رأى افلاطون وهو ان النفس قديمة وهى واحدة وانما تنقسم فى الابدان فاذا فارقتها عادت الى اصلها واتحدت قلنا فهذا أقبح وأشنع واولى بأن يعتقد مخالفا لضرورة العقل فانا نقول نفس زيد عين نفس عمرو أو غيره فان كان عينه فهو باطل بالضرورة فان كل واحد يشعر بنفسه ويعلم انه ليس نفس غيره ولو كان هو عينه لتساويا فى العلوم التى هى صفات ذاتية للنفوس داخلة مع النفوس فى كل اضافة . فان قلتم انه عين وانما انقسم بالتعلق بالابدان قلنا وانقسام الواحد الذى ليس له عظم فى الحجم وكمية مقدارية محال بضرورة العقل فكيف يصير الواحد اثنين بل الفا ثم يعود ويصير واحدا بل هذا يعقل فيما له عظم وكمية كماء البحر ينقسم بالجداول والانهار ثم يعود الى البحر فاما ما لا كمية له فكيف ينقسم . والقصد من هذا كله ان نبين انهم لم يعجزوا خصومهم عن معتقدهم فى تعلق الارادة القديمة بالاحداث الا بدعوى الضرورة فى امتناع ذلك وانهم لا ينفصلون عمن يدعى الضرورة عليهم فى هذه الامور على خلاف معتقدهم وهذا لا مخرج عنه
Sayfa 28