Tabağın Krallarının Serüveni: Otuz Bölümde
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Türler
مما اضطر سيف أرعد إلى الإسراع مطالبا بالهدنة ووقف القتال، الذي رفضه بحدة سيف بن ذي يزن، بينما تقبلته ملكة أحمرا، مما أوعز الخلاف بينهما أو بين قراريهما المتضاربين.
وهذا ما سمح لسقرديون بتعميق ذلك الخلاف بين - الأم وابنها - إلى حد تزايد القطيعة التي جمدت مسار الحرب المستعرة وأوهنت من روح سيف المقاومة، ثم تقبله في النهاية لقرار والدته بوقف الحرب، والعودة إلى أحمرا.
حتى إذا ما عاد سيف بن ذي يزن إلى عاصمة التباعنة التي فتحت ذراعيها عن آخرهما لاستقباله بعد نفي وغياب طويل كانت قمرية قد اتخذت سلفا قرارها الذي عانت منه طويلا وحدها، في تنفيذ وصية الوالد الراحل «ذو اليزن» بتسليمه سلطاته ليعتلي عرش التباعنة.
وتم الاحتفال بتنصيبه، بما يليق من تكريم، حين تخلت قمرية عن عرش ذو اليزن الباهر، نازلة درجاته على مشهد من أمراء حمير ووزرائها، وشيوخ القبائل والعشائر والجموع التي جاءت لتشهد اعتلاء سيف بن ذي يزن لعرش أجداده المتوارث منذ سبأ وحضرموت.
وجثى هو على ركبتيه أمامها وهي تضع تاج ذو اليزن على رأسه مقبلة. - لعل التبع الراحل شهد تلك اللحظة من مثواه، وفي اليوم التالي لتنصيبه اقتادته أمه إلى حيث كنوز ذو اليزن وعدة حربه ومخطوطاته ودراساته عن «كتاب النيل»: سأحفظه في قلبي، كما تحفظ حدقتي عيني.
وكما لو أن سيف بن ذي يزن، قد وقع على بغيته حين انشغل بتصفح صفحات الكتاب في حرص، مستغرقا في تأمل رسوماته التوضيحية ومدوناته وخرائطه الملونة. - استغرق عمره بكامله فيه. - أعرف يا أماه ... أبي!
وهكذا استحوذت كتابات ومدونات التبع الراحل على ابنه: بعد تسلم سلطاته فانكب بكامله، وقبل كل شيء، على قراءتها وحل رموز وطلاسم - كتاب النيل - الذي يعرف أعداء العرب قبل غيرهم أن من يمتلكه يتحكم في النيل بكامله ومجراه وإخصابه ومجاعاته.
حتى إذا ما حاول سيف بن ذي يزن إجراء تطبيقاته، ولو من باب إرهاب الأحباش الأعداء، منعته أمه متغاضية عما انتهت إليه الأحداث باعتزالها لسلطاتها، وبعدما ارتضى الجميع وأولهم هي - قمرية - ذلك وهو ما انتهى بتنصيب التبع الجديد.
وعمق من أغوار الصراع الخفي بين الملكة المتنازلة عن العرش وابنها ما تلقاه الملك التبع سيف بن ذي يزن من رسائل بعث بها إليه وزير والده الأول المقرب «يثرب» حين أرسل له مهنئا وشاكيا من عدم قدرته على المجيء من يثرب إلى أحمرا لحضور مراسيم تنصيبه التي كان ينتظر يومها المنشود، تخوفا من أمه قمرية التي تسببت في رحيله إلى مدينته يثرب - أي المدينة المنورة فيما بعد - منشدا له أجزاء من معلقته الشهرية:
فمن يثرب قد صرنا بعد عمرها
Bilinmeyen sayfa