(ونسب جوره إليك).
من قولهم قدرة الكفر لاتكون قدرة على الإيمان، وقدرة الفسق لاتكون قدرة على الكفر.
(أو قاسك بمقدار، أو شبهك بمثال، وقد قطعت العذر بكتابك المنزل، وأكملت دينك على لسان نبيك المرسل، محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
أما بعد فإن الدين لماعفت آثاره، وانطمست أعلامه، واضمحلت أنباؤه، وسدت مطالعه).
(أما بعد) قيل أن أول من تكلم بها أمير المؤمنين، وهما كلمتان جعلتا كلمة واحدة في الخطب والرسائل، مماشاكلهما للفصاحة. (أما) للخبر، و(بعد) لما وراء الغاية، والتقدير في هذا: إنا لما فرغنا من الفصل الأول أخبرنا عن ابتداء فصل ثان (فإن الدين) عبارة عن الشريعة، (لما عفت آثاره) أي درست قال الشاعر:
عفت الديار محلها فمقامها
(آثاره) وهي الأخبار، واحدها أثر، ومنه قيل: أخبار مأثورة عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، قال الله تعالى: ?إن هذا إلا سحر يؤثر? [المدثر: 24] ، وأصله من الأثر المعلوم برجلي الرجل في المحجة ، وقال أمير المؤمنين عليه السلام داعيا على الخوارج: « لابقي منكم أثر ». أي مخبر، وهو الذي يروي الحديث. (وانطمست أعلامه) هي: ماعلمت به الشيء ليتميز بعلمك عن غيره، وأصله الحجز بين شيئين، والأنصاب في الطريق أعلام لها، والجبال أعلام، والأعلام الرماح. وأصل الطمس من التغطية، قال الله تعالى: ?لطمسنا على أعينهم ? [يس: 66].
Sayfa 73