الأمة، ولا يجوز نسبته إلى رسول الله ﷺ، إذ يبقى معنى الحديث: من ترك الصلاة عمدا حتى خرج وقتها فكفارة إثمه صلاتها بعد الوقت، وشناعة هذا القول أعظم من شناعتكم علينا القول بأنها لا تنفعه ولا تقبل منه، فأين هذا من قولكم الثالث: أنه قابل الناسي في الحديث بالنائم، وهذه المقابلة تقتضي أنه الساهي كما يقول جملة أهل الشرع: النائم والناسي غير مؤاخذين.
الرابع: أن الناسي في كلام الشارع إذا علق به الأحكام لم يكن مراده إلا الساهي وهذا مطرد في جميع كلامه كقوله ﷺ: "من أكل أو شرب ناسيا فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه".
فصل
وأما قولكم: فسوى الله سبحانه في حكمهما أي حكم العامد والناسي على لسان رسوله بين حكم الصلاة المؤقتة والصيام المؤقت في شهر رمضان بأن كل واحد منهما يقضى بعد خروج وقته فنص على النائم والساهي في الصلاة كما وصفنا، ونص على المريض والمسافر في الصوم، واجتمعت الأمة ونقلت: الكافة فيمن لم يصم شهر رمضان عامدا وهو مؤمن بفرضه وإثم تركه أشرا وبطرا ثم تاب منه أن عليه قضاءه إلى آخره، فجوابه من وجوه:
أحدها قولكم إن الله ﷾ سوى بينهما أي بين العامد والناسي فكلام باطل على إطلاقه فما سوى الله سبحانه بين عامد وناس أصلا، وكلامنا في هذا العامد العاصي الآثم المفرط غاية التفريط فأين سوى الله سبحانه بين حكمهما في صلاة أو صيام، وقولكم فنص على النائم والناسي في الصلاة كما وصفنا قد تقدم أن النسيان المذكور في الصلاة لا يصح حمله على العمد بوجه، وأن الذي نص عليه في الحديث هو نسيان السهو الذي هو نظير النوم فلا تعرض فيه للعامد، وأما نصه على المريض والمسافر في الصوم فهما وإن أفطرا عامدين فلا يمكن أخذ حكم تارك الصلاة عمدا من حمكها وما سوى الله ولا رسوله بين تارك الصلاة عمدا أو أشرا حتى يخرج وقتها وبين تارك الصوم لمرض
1 / 84