Saad Zaghloul Lideri Devrim
سعد زغلول زعيم الثورة
Türler
من سفر الوفد إلى لجنة ملنر
استدعت الحكومة البريطانية السير «ريجنالد ونجت» توطئة لإقالته من منصبه في دار الحماية، وهو الرجل الذي أحسن لها النصيحة، وأشار عليها بقبول سفر الوزيرين المصريين إلى العاصمة البريطانية، وعادت هي إلى رأيه بعد فوات الأوان.
واستبدلت به المارشال اللنبي فاتح القدس؛ لأنها حسبت أنها تروع المصريين بهيبته العسكرية، وهو خطأ غريب في تقدير الحالة وجمود على أساليب التخويف الدارجة بغير معنى؛ لأن مظاهر الهيبة العسكرية والسطوة الحربية كانت كثيرة على مسمع ومبصر من المصريين أثناء الحرب العظمى، لا يرون في بلادهم من الحكم الإنجليزي إلا المدافع والدبابات والجنود تغدو وتروح في الحواضر والقرى بعشرات الألوف، فإذا كانوا قد ثاروا وهم على هذه الحالة، وجاءت ثورتهم على أعقاب انتصار الدولة البريطانية في الحرب العظمى، فما كانت الثورة إذن لأنهم كانوا في حاجة إلى مذكرة بالهيبة العسكرية والسطوة الحربية، وما كان اسم المارشال اللنبي عندهم إلا كاسم كل قائد في الميادين البعيدة أو القريبة؛ بل هم كانوا يسمعون بغيره من قيادة الميادين البعيدة سنوات قبل أن يسمعوا به في غزوة فلسطين.
جاء المارشال اللنبي إلى مصر وهو يقدر أن الرهبة من اسمه فوق كل كلام وتفكير، وأنه لا خوف إذن من اتهامه بالضعف إذا هو تواضع إلى سماع الشكايات ومخاطبة الشعب بلسان رجاله؛ فخاطب المصريين باسم الشيوخ ورجال الدين، كما خاطبهم باسم الوزراء والكبراء، وصدرت النصيحة المطلوبة من هؤلاء وهؤلاء يحضونهم على السكينة والاستقرار وانتظار ما يقضي به ولاة الأمور، فلم يكن لهم من أثر كبير ولا صغير؛ لأن الشعب لم يفهم من نصائحهم إلا أنهم مضطرون، أو أنهم متهمون في إخلاصهم إن لم يكونوا مضطرين.
وقد وقفنا بالقارئ من حوادث الثورة المصرية وأحوال الحكومة في مصر على استقالة الوزارة الرشدية لرفض الحكومة البريطانية سفر الدولة إلى أوروبا.
فلما سافر الوفد عادت الوزارة الرشدية في التاسع من أبريل، ولكنها لم تلبث قليلا حتى استقالت؛ لأنها شعرت بالحرج من مطالب الضباط والموظفين، وهي معبرة عن مطالب المصريين أجمعين. فطلب الضباط الوطنيون أن تسند الحراسة إليهم؛ لأن إسناد الحراسة في الميادين العامة إلى أناس لا يفقهون لغة البلاد ولا يعرفون عاداتها كثيرا ما جر إلى إزهاق الأرواح بغير موجب حتى من وجهة النظر البريطانية، كما حدث حين أطلق الرصاص على المصلين الخارجين من المسجد، أو على المتظاهرين ابتهاجا بالإفراج عن الزعماء.
وألف الموظفون لجنة من اثنين وثلاثين عضوا لمخاطبة الوزارة في المطالب السياسية التي لا يتعرض لها الضباط، وهي التصريح بصفة الوفد الرسمية، وأن قبول الوزارة الحكم لا يفيد الاعتراف بالحماية، والإفراج عن المعتقلين مع إبطال الأحكام العرفية.
وجاءت الوفود تترى إلى ديوان الوزارة تعزز هذه المطالب وتلح في قبولها، وعم إضراب الموظفين وأصحاب الأعمال الحرة انتظارا لتحقيقها؛ فاستقالت الوزارة ولما ينقض عليها أسبوعان؛ لتعذر التوفيق بين مطالب الشعب والموظفين وإرادة السلطة العسكرية.
وقد أنذر القائد العام الموظفين بالفصل إن لم يعودوا إلى دواوينهم، وتوعدهم بالمحاكمة العسكرية إن حرضوا على الإضراب، فعاد منهم فريق وقبضت السلطة العسكرية على زعمائهم الذين لم يعودوا في الموعد المحدد.
وفي الحادي والعشرين من أبريل ألف محمد سعيد باشا الوزارة، وصرح لمندوبي الصحف يوم تأليفها «أنها وزارة إدارية» لا تبت في شيء له مساس بمركز مصر السياسي ... وليست لها صبغة سياسية؛ لأن المسألة المصرية لم يبت فيها بعد في مؤتمر الصلح، وأنها ستجتهد في استدعاء الجمعية التشريعية وإلغاء الأحكام الاستثنائية، ومنها قانون المطبوعات.
Bilinmeyen sayfa