Ruh Cazim Mahatma Ghandi
روح عظيم المهاتما غاندي
Türler
ولما سافر إلى أفريقية الجنوبية، كان سفره بدعوة من أبناء إقليمه الذين كانت لهم تجارة واسعة في عدة بلاد منها، وكان عمله أن يساعد كبار المحامين من الإنجليز في بعض قضاياهم الكبرى، فلم يسترح ضميره إلى هذه الخصومة التي ظهر له أنها في غير طائل وفي غير موجب، وأنها قابلة للصلح والتوفيق، وجعل همه الأول أن يسعى في الصلح بين الفريقين، ولو كان في ذلك اقتضاب لطريقه إلى الشهرة والانتفاع.
وأخذ على نفسه عهدا، لا يطالبن أحدا بحق له من طريق المحاماة، ولا يستخدمن هذه الصناعة لنفسه، ولا يستخدمنها لغيره إلا دفاعا عن مظلوم أو حق مهضوم.
وفحوى ذلك أن هذا الرجل الذي لقبوه وصدقوا في تلقيبه: بالروح العظيم، كان صاحب «روح» ناضج التكوين حين قرأ لثقافته، وقرأ لصناعته على السواء، فلم يأخذ من تفكير عصره ولا من دروس صناعته، إلا ما تطلبته «بنيته الروحية» وهي عالمة بما يصلح لها من غذاء، ومن وسيلة قوة ونماء. •••
وكأنما ختم غاندي مطالعاته الأدبية باختتام عهده في المطالعات المدرسية، فلم يرو عنه أنه توفر على قراءة قصة أو كتاب من كتب الأدب بعد عودته من البلاد الإنجليزية، وصرف اهتمامه كله إلى دراسة كتب الأديان والعقائد على اختلافها، فقرأ القرآن والأناجيل في ترجماتها الإنجليزية، وقرأ كتب الديانة الصينية والديانة المجوسية في تلك اللغة، وقرأ طرفا من علم المقابلة بين الأديان، وانتهى منها على أن الديانات العظمى جميعا موحاة من عند الله، وأنه لا خير في تحول المؤمن من دين إلى دين، وإنما تصلح البرهمي أو المسيحي أو المسلم بأن تجعله برهميا أحسن أو مسيحيا أحسن، أو مسلما أحسن وذلك ميسور له مع البقاء على دينه، ما دام في دينه ما يوصيه بالحق والخير والصلاح والمودة لجميع الناس.
وقد لوحظ على غاندي أنه أغفل جانب الفن في عمله وفي وصاياه، فلم يشغل باله بالصور والتماثيل والشعر والموسيقى وغيرها من الفنون الجميلة، واتفق مريدوه وناقدوه على هذه الملاحظة، وسأله غير واحد من المريدين عنها فأجابهم بما أقنع بعضهم ولم يقنع الآخرين.
من هؤلاء طالب اسمه راماشندران
Ramachandran
قدمه إليه صديقه الإنجليزي مستر «أندروز»، فلازمه أياما وجعل يناقشه ويستفسره في مضامين فلسفته واعتقاده، فكان جواب غاندي له حين سأله عن الجمال ما فحواه: إن الأشياء حقيقة وظاهر، وإنه لا يحفل بالظاهر ما لم تكن فيه دلالة على الحقيقة الباطنة.
قال الطالب: أليس في الفن تعبير عن قلق النفس وجيشانها بالحس في كلمات وألوان وأشكال؟
قال غاندي: ولكن أصحاب هذه الفنون لا يحفلون كثيرا بعمل الروح.
Bilinmeyen sayfa