reflex » وأهميته في علم النفس أن مدرسة «السلوكيين
Behaviourists » تعد السلوك الإنساني أفعالا منعكسة مشروطة
Conditioned .
معنى ذلك أن السلوك يستثار إذا وجد ما اعتاد استثارته، فإن الغذاء إذا اقترن برنة جرس فإن اللعاب يسيل إيذانا بميعاد الطعام، فإذا رن الجرس بدون وجود الغذاء فإن اللعاب يسيل على كل حال، وهؤلاء السلوكيون يقولون: إن الحيوان المعقد الجوانب ما هو إلا منعكسات معقدة الجوانب. على أننا لا نستطيع أن نوافقهم على هذا؛ فإن المنعكسات في الحيوان آلية محضة، ولا يمكن أن تكون المنعكسات البشرية من هذا الطراز. فيجيبون أن الاختلاف إنما وجد لأن الدروب تشعبت والمسالك التوت، ولأنه صارت هناك موانع تقف في سبيل الآلية المحضة.
ولكننا نجيب أننا إذا صعدنا الدرج نحو الإنسان نجد أن هذه الموانع التي تشيرون إليها إنسانية اجتماعية؛ أي إن المنعكس لم يعد بعد آليا؛ فقد صار شيئا عاقلا، وزيادة على ذلك فقد صار شيئا مبنيا على «الشعور»؛ أي على إحساسنا بوجود آخرين غيرنا لهم ما لنا من حقوق وواجبات. وزيادة في الشرح أقول: إن الحيوان حين يجوع يفترس، وحين تلوح له الأنثى يقتل في سبيل الحصول عليها، أما نحن الذين نرتدي ثياب الآدمية فنحن نتمهل قبل أن نختطف اللقمة من فم غيرنا، ونحن نستحي أن ننظر إلى زوجة الجار كأنها مجرد هدف للتناسل مهما بلغت قوة الجمال عندها، وقوة العاطفة عندنا.
على أننا لا شك نرتد إلى الحيوانية في أحوال خاصة؛ كالحرب والغضب، فنفترس غيرنا في سبيل اللقمة، وندوس حقوق الجار، ونصنع ما لا يحصى مما لا يليق.
وعلى كل حال، ما الذي حدث في سلم التطور حتى صار المنعكس الآلي منعكسا عاقلا مدركا؟
إن الإنسان لم يعد إنسانا إلا حين أخذ يعرف أن هناك «علاقة» بينه وبين غيره، وبينه وبين المجتمع على العموم.
هذه «العلاقة» العاقلة الشاعرة المحسة المدركة هي فجر الشخصية.
فلا يمكن أن نتكلم عن «شخصية» إنسان لا يعاشر الناس.
Bilinmeyen sayfa