وسيبويه لأنهما يريان أنَّ قولهم: استحيت، إنما جاء على قولهم استحاي، كما أن استقمت على استقام، وهذا على مذهبٌ ظريفٌ، لأنّه يعتقد أنّ تأتى مأخوذةٌ من أوى، كأنّه بني منها افتعل، فقيل: ائتاي، فأعلّت الواو كما تعلُّ في قولنا: اعتان من العون، واقتال من القول. ثمّ قيل: ائتيت، فحذفت الألف، كما يقال: اقتلت. ثمّ قيل في المستقبل، بالحذف، كما قيل: يستحى. فيقول لبيدٌ: معترضٌ لعننٍ لم يعنه، الأمر أيسر ممّا ظنَّ هذا المتكلَّف.
ويقول لبيدٌ: سبحان الله يا أبا بصير، بعد إقرارك بما تعلم، غفر لك وحصلت في جنّة عدن؟ فيقول مولاي الشيخ متكلّمًا عن الأعشى: كأنّك يا أبا عقيلٍ تعني قوله:
وأشرب بالرّيف حتى يقا ... ل: قد طال بالرّيف ما قد دجن
صريفيّةً طيّبًا طعمها، ... تصفَّق ما بين كوبٍ ودنّ
وأقررت عيني من الغانيا ... ت، إمَّا نكاحًا وإمّا أزنّ
وقوله:
فبتُّ الخليفة من بعلها، ... وسيَّد تيّا ومستادها
وقوله:
فظللت أرعاها، وظلَّ يحوطها ... حتى دنوت إذ الظّلام دنا لها
فرميت غفلة عينه عن شاته، ... فأصبت حبَّة قلبها وطحالها
ونحو ذلك ممّا روي عنه؛ فلا يخلو من أحد أمرين: إمَّا أن يكون قاله تحسينًا للكلام على مذهب الشُّعراء، وإمّا أن يكون فعله فغفر له. قل يا عبادي الذَّين أسرفوا على أنفسهم لا تقطنوا من رحمة الله، إنَّ الله يغفر الذُّنوب جميعًا، إنَّه هو الغفور الرَّحيم.. إنَّ الله لا يغفر أن يشرك به
1 / 39