فعلت فيه بطرفٍ لو رمى ... حجرًا صلدًا به لانفعلا
كيف لا يجرح قلبي طرفه ... وإذا السَّيف تحرَّى قتلا
والذي يصبو لأحداق المها ... لم يمت إلا بها منجدلا
لائم الصَّبِّ على الحب الذي ... سيف لحظيه يبيح الأجلا
خلِّ عنك اللوم بالله فقد ... سبق السَّيف إليه العذلا
ويح قلبي من هوى ذي صلفٍ ... ظالم في حكمه لو عدلا
ما له حمَّله ما لم يطق ... أتراه ظنَّ قلبي جبلا
قال يستطرد بي ما حاله ... صار للعشَّاق فينا مثلا
أيُّها المعرض لا عن زلَّةٍ ... أدلالًا كان ذا أم مللا
بأبي الرِّيم الذي من طرفه ... سرق الظَّبي الكحيل الكحلا
غصن البان الذي في قدِّه ... سلب الليِّن القنا والأسلا
يا خليليَّ بلا أمرٍ سلا ... عن فؤادي بعده ما فعلا
أمقيمٌ بعده يصحبه ... أم دعاه للردى فامتثلا
وله من أخرى مطلعها:
درَّ لها خلف الغمام هاطلًا ... فجادها من رامةٍ منازلا
منازلًا كان المنى منادمًا ... فيها وصرف الدَّهر عنها غافلا
نسبح في غمرته ولم نكن ... نزايل الرَّوضات والخمائلا
لا نستفيق من خمار لذَّةٍ ... نتبع أبكار الهوى الأصائلا
جنان أنسٍ فارقتها عنوةً ... نفوسنا واجدةً ثواكلا
واهًا لها وآهةً لو بقيت ... أو دام ربع اللَّهو منها آهلا
ومنها:
كان الشباب الرَّوق فيها وبها ... قضَّيت أيَّام الصِّبا الأوائلا
حيث الحمى مسرح أسراب المها ... وحيث كنت مرحًا مغازلا
كلَّ غزالٍ آنسٍ لحاظه ... للعاشقين لم تزل قواتلا
تصمي إذا ما قصدت بأسهمٍ ... نصالها لا تخطئ المقاتلا
قضيب بانٍ قضفٌ على نقًا ... فوقها ترقب بدرًا كاملا
ما بانة الجزع على نظرتها ... إذا ثنى منه قوامًا عادلا
ومن غزلياته قوله:
مهلًا فقد أسرعت في مقتلي ... إن كان لا بد فلا تعجلِ
أنجزت إتلافي بلا علَّةٍ ... الله في حمل دمي المثقلِ
لم تبق لي فيك سوى مهجةٍ ... بالله في استدراكها أجملِ
إن كنت لا بدَّ جوًى قاتلي ... فاستخر الله ولا تفعلِ
رفقًا بما أبقيت من مدنفٍ ... ليس له دونك من معقلِ
يكاد من رقَّته جسمه ... يسيل من مدمعه المسبلِ
ما لك في إتلافه طائلٌ ... فارعَ له عهدًا ولا تهملِ
كم من قتيلٍ في سبيل الهوى ... مثلي بلا ذنبٍ جنى فابتلي
أول مقتول جوًى لم أكن ... قاتله جارَ ولم يعدلِ
يا مانعي الصَّبر وطيب الكرى ... عن حالتي بعدك لا تسألِ
قد صرت من عشقك حيران لا ... أعلم ماذا بي ولم أجهلِ
أغصُّ من دمعي حفاظًا لما ... فارقته من ريقك السلسلِ
ومنها:
أفديك بالنَّفس وما دونها ... ما قيمة الأرواح أن تقبلِ
يا غصنًا مال إلى طبعه ... من دلَّ جفنيك على مقتلي
وراميًا أعجب من أنَّه ... أصاب في الرَّمي ولم يمهلِ
رمى فأصمى مهجتي سهمه ... فكان مثل القدر المرسلِ
يا ويح قلبي من هوى ظالمٍ ... يأخذ بالذَّنب ولم يعملِ
أستغفر الله إليه وإن ... لم أقل القول ولم أفعلِ
يا أعدل الناس على ظلمه ... ويا أحقَّ النَّاس من مُبطلِ
وجدت تعذيبك مستعذبًا ... فاهجر إذا شئت وإلا صلِ
وله:
ويومٍ فاخِتيِّ الجوِّ رطبٍ ... يكاد من الغضارة أن يسيلا
1 / 13