نعمت به وندماني أديبٌ ... وقورٌ في تعاطيه الشمولا
قطعنا صبحه والظُّهر شربًا ... وجاوزنا العشيَّة والأصيلا
لدى روضٍ عميم النَّبت يزهي ... بأزهارٍ نمت عرضًا وطولا
يدور به سوار النَّهر طورًا ... كما يتعانق الخلُّ الخليلا
وساقينا رخيم الدَّلِّ يسبي ... إذا ما ردَّد الطرف الكحيلا
وله من قصيدة، أولها:
تألَّق يقدم ركب النعامى ... شرودًا أبى سرعةً أن يشاما
خفيًَّا كنبض ذراع المريض ... ولمح ثغور الحسان ابتساما
كأنَّ السَّما ريطةٌ رحِّلت ... وذهِّب من طرفيها الغماما
بدا والدُّجى فحمةٌ كاللَّهيب ... له شررٌ بالدراري ترامى
فهيَّج للقلب أشواقه ... ونبه لوعته ثم ناما
سرى موهنًا فاستطار الفؤاد ... إلى ما تذكَّر منه وهاما
تذكَّر أيامه بالغميم ... فحنَّ وما كنَّ إلا مناما
أثار له من جواه القديم ... وقلَّده الوجد طوقًا لزاما
تحرَّشه فسباه جوًى ... وجرَّده فقضاه غراما
ومذ خاله الطرف سقط الزِّناد ... أمال إلى القلب منه الضراما
لقد كان في راحةٍ قبله ... فجرَّ إلى عاتقيه حساما
وقد كان من قبله داؤه ... دفينًا فهيَّج منه السقاما
أيا برق كم ذا تعنِّي الحشا ... أعمدًا تروم أذاه على ما
إلى مَ تمثل نجدًا له ... فيهفو وهيهات نجدٌ إلى ما
تقول وأسباب هذا الغرام ... ضروبٌ تحيِّر فيه الأناما
أمن كبدي سيفه مصلتٌ ... فيبدي الوجيب إلى أن يشاما
لعمرك ما ذاك لكنَّما ... تذكَّر نجدًا وأيام راما
منازل كان المنى خادمًا ... بها والزمان لدينا غلاما
فآهًا لأيامها لو تدوم ... وآهًا لحلميَ لو كان داما
نشدتك والودُّ يا صاحبي ... يراه الفتى الحرُّ دينًا لزاما
أعرني إن كان طرفٌ يعار ... فإنسان عيني بدمعي عاما
يرى لي فؤادي وراء الرِّكاب ... أسارَ وإلا لعجزٍ أقاما
فمن يوم بتنا على غرَّبٍ ... نشيعهم وأشالوا الخياما
أضلَّيته بين بان الكثيب ... وما ثمَّ إلا ظباه قياما
خف الله يا ظبيات النَّقا ... أما في دمي تحملين الأثاما
رعى الله منكنَّ ظبيًا أغر ... أحلَّ بجسمي داءً عقاما
أغار عليه اعتناق الصَّبا ... وأحسد رشف لماه البشاما
إذا ما بدى في الدُّجى خده ... أحال الدُّجى من ضياه عياما
يبيت على غرَّةٍ لاهيًا ... إذا بتُّ أجرع فيه الحماما
وليلة زار على شحطه ... تحاشى الضِّيا فتوارى الظَّلاما
سرى والدُّجى عاكفٌ راجلًا ... حذار المطيَّة تبدي البغاما
فوافى على عجلٍ مضجعي ... ومن دونه بطن فلجٍ وراما
فبتُّ أعانق منه القضيب ... وأرقب منه الهلال التماما
وأشتمُّ من خدِّه وردةً ... وأرشف من شفتيه المداما
وودَّع لو كان ذاك الوداع ... وسار فودَّع جفني المناما
ومن مشهور شعره خمريته هذه:
هاتها هات نصطبح يا نديم ... قد تناهت خطوبنا والهموم
ليس ينفي الهموم مثل شمولٍ ... كم حساها فأبرأته سقيم
هي شمسٌ والهمُّ ليلٌ وليس الل ... يل والشَّمس في الوجود يدوم
علَّنا نقطع الزمان سكارى ... لا نبالي بما جرى يا نديم
فلنا أسوةٌ بهذي البرايا ... كيف نخشى البلاء وهو عميم
إنما الأمر للإله تعالى ... وهو برٌّ بالعالمين رحيم
1 / 14