وأكفَّ أوراق الغصو ... ن تظلُّ تدعو بالمتاب
فاعكف على روضاته ... فالورد دان إلى الذَّهاب
متمتِّعًا بنعيمه ... من قبل بينٍ وانتياب
فجميع ما فوق التُّرا ... ب من التُّراب إلى التُّراب
ومن خمرياته قوله:
ونديمٍ نبَّهت ليلًا فهبَّا ... وهو سكرًا يميل شرقًا وغربا
قال لبيك قلت هات اسقنيها ... فتردَّى وقال طوعًا وحبَّا
فسقاني ثلاثةً وتحسَّى ... بعض كأسٍ فردَّها وأكبَّا
قلت أفديك من نديمٍ مطيعٍ ... لو رأى طاقةً بها ما تأبَّى
ثم بن وسَّدته وعدت إلى الشُّر ... ب وحيدًا فما استلذَّيت شربا
إن طيب المدام بين النَّدامى ... وسرور النُّدمان فيمن أحبَّا
لو رأوا لذَّةً بدون شريبٍ ... لم يُسَمُّوا فيها ندامى وشِربا
وله أيضًا:
بحياتي يا بدر أو بحياتك ... لا تقل لا يا قبح لا من لغاتك
قم بنا نغنم الوصال وروحي ... في سبيل الهوى وفي مرضاتك
قم فلا غير كون شكٍّ يقينًا ... من صفاتي بين الورى وصفاتك
يا فَدَتك النُّفوس فيما التَّواني ... ما ترى البسط عزَّ في أوقاتك
هاتها بكرة النَّهار فطيب الرَّ ... اح قبل الضُّحى وقبل صلاتك
ثم هجِّد بنا نقيل قليلًا ... عند غمز الصَّهباء عود قناتك
ثم عد للشَّراب تفديك نفسي ... واسقنيها واشرب معي بحياتك
إن كلَّ الحياة كأسٌ مدارٌ ... ونديمٌ وشادنٌ من سقاتك
فاغتنم فرصة الزَّمان فقد قي ... ل أخو اللَّذَّة الجسور الفاتك
لا تؤخِّر يومًا غداة سرورٍ ... لعشيٍّ وفته قبل فواتك
إنَّما هذه الحياة كحلمٍ ... طارقٍ تستلذُّه في سباتك
وله من قصيدة مطلعها:
يا ليت شعري والمنى بعد ... ما حال سكَّانك يا نجد
وكيف دعدٌ بعد أيَّامنا ... تبقى لنا دون النِّسا دعد
هل أخفرت من عهدنا في الهوى ... بعد النَّوى أم عهدها العهد
لا غرو أن قد غيَّرتها النَّوى ... فربَّما غيَّرك البعد
لله يا نجد الظِّباء التي ... قيَّدها فيك لنا الودُّ
حيث الهوى الرَّيق لنا خادمٌ ... لم يأل جهدًا والمنى عبد
وربعك الرَّحب لنا جنَّةٌ ... لو أنها دام بها الخلد
والنَّبت جمٌّ ترتعيه حمًى ... والماء لا مستكدرٌ رغد
في غمرة القصف لريق الصِّبا ... نروح في العيش كما نغدوا
حيِّي الحيا ذاك الزمان الذي ... مرَّ به من عيشنا الرَّغد
أيَّام أسعى ومها حاجرٍ ... يلفُّني من وصلها برد
لا راقبٌ عينًا ولا مفكرٌ ... في الوصل أن يعقبه الصَّدُّ
في فتيةٍ مثل نجوم الدُّجى ... كأنهم قد نظموا عقدُ
من كل ظبيٍ قضفٌ قدُّه ... لا البان يحكيه ولا الرَّندُ
جذلان راوي الرِّدف ظامي الحشا ... يضيع ما بينهما النَّدُّ
يزهي على ريم الفلا جيده ... ويزدهي بدر السَّما الخدُّ
واهًا له من زمنٍ سالفٍ ... وألف آهٍ لك يا نجد
ومنزلٍ أخلق من نسجه ... كرُّ السَّوافي فيه والشَّدُّ
عهدي به بردًا قشيب السَّدى ... فارتدَّ وهو الرَّيطة الجرد
محت يد الأنواء آياته ... إلا بقايا أسطرٍ تبدو
أعجم من معربه شكله ... إن حال عقلًا قبله بعد
حتَّى اضلاَّ فيه علمي به ... إذ بدِّلت من هضبه الوهد
1 / 11